ها هي الحرارة تتبختر على رؤوسنا وتهبط عمودية كشواظ من نار، لدرجة شعورك أن مخك (ساح)، يحدث هذا لمجرد أن تسير لدقائق معدودات ربما لكي تصل إلى سيارتك التي تقف بجوار بوابة عملك، أو لكي تنزل لشراء مستلزمات من إحدى البقالات، دقائق لا تقدر على تحملها وتسارع بالوصول إلى سيارتك أو بيتك للحصول على الهواء والماء البارد، وأي منا لو افتكر من يعمل في هذه الشمس الحارقة سيقدر حالة أولئك المحرومين من لذة النجاة من هذا الجو الهالك، وسيعرف جزءا من نعم لا تحصى يتمتع بها، بينما آخرون يكابدون الأمرين في وضع كتب عليهم. وأي منا يعرف مقدار المكابدة التي يعانيها من يعمل في هذه الأجواء وخاصة في شهر رمضان، حيث تتضاعف المكابدة، والكل ينتظر اللحظات كي يعود إلى فيء وهواء عليل.. فلو فتحت مخيلتك وتصورت أسرا تقطن منازل (كعلب الصلصة) لا يصلها الهواء أو الماء البارد، ولا تجد ثلاجة لتضع بها أطعمتها أو لحومها، ولا تأنس بمشاهدة تلفاز ولا تعرف مواقع تواصل وتحمل ملابسها المتسخة إلى المغاسل، تصوروا حالات مثل هذه تحدث لإخوان لنا يقطنون في منازل خرسانية تصطلي بحرارة إضافية والسبب منع وصول التيار الكهربائي إلى منازلهم.. وإيصال التيار الكهربائي لمثل هذه المنازل تدخل في المتوالية الشعبية لأهزوجة (يا طالعين الشجرة جيبوا لي معاكم بقرة...) فهؤلاء المواطنون يسيحون بين مكاتب شركة الكهرباء والأمانة، فشركة الكهرباء تربطهم بوجوب إحضار خطاب موافقة من الأمانة، والأمانة تقول إن لديها أوامر عليا تمنع إيصال التيار لمثل هذه المنازل. بينما يعرف الناس أن ثمة أوامر عليا (أيضا) توصي بإيصال التيار الكهربائي لأي منزل يقطنه مواطن، وبين الأمر المانع والأمر الموصي لا بد من وجود تكيف للأنظمة، فما هو غير قائم يمكن منع قيامه، أما وقد أصبح واقعا فيجب أن يكون في النظام حالات استثناء تتكيف وفق الواقع. فليس من المعقول أن (يشوى) أمثال هؤلاء الناس داخل منازلهم حتى تحن الأمانة أو شركة الكهرباء وتوصل التيار الكهربائي إلى منازلهم، ولو أن هذا النظام صارم لما وجدت معاملات تمر من تحت الطاولة لإدخال التيار الكهربائي لأي موقع كان. وأجدني مستغربا من شركة الكهرباء التي رضخت لهذا الزواج الأبدي بينها وبين الأمانة، فمن البديهي لأية شركة ربحية السعي في تقديم خدمتها لأي عميل يطلبها، فلماذا الإصرار على موافقة الأمانة، فإن كانت المسألة تنظيمية فيجب على الشركة أن يكون لها رأي في هذا التنظيم، بحيث لا تستأثر جهة واحدة باتخاذ القرار . وما دمنا مع شركة الكهرباء وبمناسبة قدوم شهر رمضان الكريم أذكرها بالمقالة التي كتبتها في العام الماضي بعنوان (والله لم أصم ولا يوم واحد) وهي المقالة التي تتحدث عن موظفي قسم الطوارئ الذين ألزمتهم الشركة بالعمل لثماني ساعات، والعمل تحت أشعة الشمس الحارقة والكابلات المجمرة، والمحطات التي تفوح الحرارة منها كما تفوح جهنم، أذكر الشركة بأهمية إيجاد الوسائل الممكنة من أجل تقليل الضغط على هؤلاء الموظفين وعدم دفعهم إلى الإفطار مجبورين . كالتنسيق وتوزيع المهام على أعداد كبيرة، بحيث يتحمل الموظف ساعتين أو ثلاثا في هذا الفرن أو أن تكون هناك مزايا تمنح لمن يعمل في مثل هذا الجو كاحتساب زيادة في الدخل، أو أن يعمل يوما ويرتاح يوما وهي فرصة لتدارك ما وقع على موظفي الطوارئ في العام الماضي. أما أصحاب المنازل المنتظرون لوصول التيار قبل دخول رمضان فأنا على يقين بوصول التيار قبل إعلان أول ليلة من ليالي رمضان.. هكذا أشعر.! للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة [email protected]