أكد رئيس المجلس الوطني السوري الدكتور عبد الباسط سيدا في حوار ل «عكاظ»، أن انعقاد مؤتمر دول الاتصال حول سورية في جنيف، ما هو إلا تفكيك لنظام الأسد الذي بات بالنسبة إلى السوريين جزءا من الماضي، مشيرا إلى أن هناك إدراكا دوليا حقيقيا بضرورة التخلص من هذا النظام. وقال لا أحد في العالم، يمكن أن يقبل الشراكة مع نظام أوغل في قتل الشعب السوري، معتبرا أن مقترحات تشكيل حكومة وحدة وطنية بين النظام والمعارضة أمر مرفوض جملة وتفصيلا، داعيا الشعب السوري إلى مواصلة النضال، لأن النهاية اقتربت والثورة كتبت نهاية حقبة الأسد. وحول التقدم الذي حققه خلال رئاسته للمجلس الوطني السوري، أوضح سيدا أن الوقت مازال مبكرا للحكم على أدائي، إلا أنني أقول إننا استطعنا أن نوسع قاعدة المجلس لتمثل كل الشعب السوري، منوها بأهمية اختيار الأمير سلمان وليا للعهد، معتبرا أنه خطوة تصب في مصلحة استقرار المنطقة.. فإلى نص الحوار: • تستعد بعض الأطراف الدولية لحضور اجتماع جنيف حول الأزمة السورية.. كيف تقرأ المشهد السوري في ظل هذه المساعي الدولية لحل الأزمة؟ • نحن نقرأ اجتماع جنيف الذي دعا إليه المبعوث الأممي والعربي كوفي عنان، أنه بداية لتفكيك النظام السوري المتهاوي أصلا، وإلا ما معنى أن يقبل الأسد بوجود المعارضة في الحكومة، في حين أنه دأب على إنكار وجودهم أصلا، وإنكار الثورة السورية عموما. إنها محاولة لإعادة إنتاج النظام، والشعب السوري بوعيه السياسي يدرك أن الثورة في مراحلها الأخيرة.. وهم كتبوا نهاية حقبة الأسد بدمائهم، ولن يقبلوا بسورية تحكمها عصابة الأسد. • ماذا لو مارست عليكم بعض الأطراف الدولية الضغوطات للمشاركة في هذه الحكومة المزعومة؟ • موقف المجلس الوطني السوري من النظام ثابت وواضح منذ البداية، نحن مع نبض الثورة السورية، ومع الحراك الثوري الداخلي «أي حوار أو شراكة» مع نظام يبيد شعبه .. مع نظام يغتصب النساء.. يقتل الأطفال بالسكاكين .. لن نستطيع أن ننسلخ من إنسانيتنا.. الأسد بات مطلوبا لمحاكم جنائية، ويعتبر مجرما بالنسبة للشعب السوري. فكيف يمكن أن يتم التعامل مع المجرم. • قلتم في أكثر من مرة أن الثورة في مراحلها الأخيرة.. أين وصلت؟ • نعم.. نحن مازلنا نرى أن الثورة في المرحلة النهائية.. وسلوك النظام المتخبط يشير إلى ذلك.. فالأزمة بالفعل في مرحلة الحسم، إلا أن هناك بعض العوامل الإقليمية والدولية مازالت تتفاعل ونحن بانتظار شديد للمرحلة القريبة. • لكن هناك تمسك روسي بالأسد؟ • لا ثوابت في السياسة.. العلاقة الروسية السورية تحكمها المصالح المشتركة، والآن مصلحة روسيا مع سورية وليس مع النظام .. مع الشعب لا مع الأسد.. أما المجلس الوطني حتى الآن يتطلع إلى علاقات استراتيجية مع روسيا قوامها المصالح المتبادلة، واحترام الآخر.. ونحن نحقق هذا النوع من المصالح، أما أن يكون دم الشعب السوري هو ثمن العلاقة مع النظام فهذا لن نقبله أبدا. • تتصاعد عمليات جيش الأسد، في المقابل يسيطر الجيش الحر على مناطق واسعة.. هل من رؤية واضحة لما يجري؟ • حتى الآن .. مازال الجيش الحر في موقع الدفاع عن النفس، والدليل على ذلك التجهيزات المتواضعة لديه، إذ أن معظم السلاح فردي ومتوسط لا يخولهم القيام بعمليات عسكرية.. والمعلومات الواردة من الداخل تشير إلى سيطرة واسعة للجيش الحر في دير الزور وحمص ودرعا وإدلب وحتى في دمشق.. التي دخلت بقوة على خط الثورة.. وفي المرحلة المقبلة ستكون الغلبة للجيش الحر على الأرض. • ماذا تقدمون من التجهيزات للجيش الحر؟ • هذه هي المشكلة الرئيسة مع الجيش السوري الحر، إذ أننا نعاني من نقص في إمدادات السلاح، ونعمل بشكل حثيث على تأمين كل أشكال الدعم لهم، وأود أن أقول إننا في كل مرة نتواصل مع الجيش الحر في الداخل.. نلمس روحا عالية جدا من المعنويات والعزيمة على إسقاط النظام، هذا في ظل هذه الإمكانيات .. فكيف إذا توفرت لهم الإمكانيات العالية. • أنتم تقيمون في تركيا وأكثر قدرة على قراءة الموقف التركي.. كيف فسرتم رد الفعل التركي حيال إسقاط النظام السوري للطائرة.؟ • تركيا تصرفت بطريقة قانونية ومؤسساتية، أما ما يدور عن تدخل تركي عسكري في سورية، فهي مسألة بالغة التعقيد نظرا لحساسية الدور التركي في الأزمة السورية، وكذلك الوضع الإقليمي والدولي، فهناك موقف روسي داعم للنظام. وكذلك إيراني. وتركيا تأخذ بعين الاعتبار هذه العوامل. وهي أيضا لا تريد التدخل من جانب واحد. بل ضمن إطار حلف الناتو. • مضى على وجودكم في رئاسة المجلس الوطني أكثر من عشرين يوما.. ما هو الاختلاف مع رئاسة الدكتور برهان غليون ؟ • من المبكر الحكم على أداء المجلس الوطني السوري في هذه الفترة الوجيزة، خصوصا في ظل أزمة كبيرة ودولية مثل الأزمة السورية، إلا أنني أقول إنه خلال هذه الفترة الوجيزة حققنا تقدما في المشاورات مع أطياف المعارضة الأخرى، وفي وقت قريب جدا سينضم المجلس الوطني الكردي إلى المجلس الوطني، وكذلك تواصلنا مع بعض الأشخاص من هيئة التنسيق، وفي كل يوم نقترب أكثر فأكثر، صحيح أنه كان هناك خلاف على إسقاط النظام، لكن الآن الكل يجمع على ضرورة إسقاطه. • لكن مازال المجلس غير مقنع بالنسبة للكثير من السوريين؟ • ربما يتعرض المجلس إلى الكثير من الانتقادات الداخلية والخارجية، لكن لا بد أن يعرف الكل تواضع إمكانيات المجلس المادية، وعلى الكل أن يعرف أننا نعمل ليل نهار من أجل الشعب السوري، ولسنا كما يقول البعض معارضة فنادق. وتواصلنا في الفترة الماضية مع الأطراف الدولية والعربية، وكانت معظم النقاشات تدور حول كيفية التخلص من هذا النظام، وقدرة المجلس الوطني بأبعاده السياسية والعسكرية على ملء الفراغ. • كيف هي علاقتكم بالدول الأقليمية وتحديدا المملكة ؟ • بداية دعني أهنئ المملكة بمناسبة اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز الأمير سلمان وليا للعهد وتعيينه نائبا لرئيس مجلس الوزراء، وزيرا للدفاع فهي خطوة مدروسة تكرس الاستقرار في المنطقة، ولا شك أن ذلك يصب في مصلحة الاستقرار ومصلحة الشعب السوري الذي يرى في المملكة سندا له في أزمته المؤلمة. كما أود أن أعزي بوفاة الأمير نايف، إذ فقدت الأمة العربية والإسلامية قائدا شجاعا عمل بشكل دؤوب على خدمة الأمة. أما بالنسبة للعلاقة مع المملكة فهي علاقة استراتيجية فالمملكة حجر الزاوية في السياسة العربية والدولية ولايمكن الاستغناء عن دورها الحيوي والفاعل في المنطقة، كما تربطنا علاقات جيدة ووطيدة بدول مجلس التعاون الخليجي.