لا بد أن تعترف المؤسسة التعليمية لدينا بأنها وعلى مستوى بناء توجه «سلوكي» للطلاب والطالبات، رغم مرور أكثر من نصف قرن على وجودها. ورغم تغير مسؤوليها، لكنها مازالت إلى الآن لا تشتغل على هذا الأمر، ولا حتى علمت الأجيال طوال هذه العقود احترام نظام الوقوف بالطابور. والوقوف بالطابور سلوك يكتسبه الفرد من المجتمع، ولا دخل للأمر بهل الفرد مؤدب أم لا، بقدر ما هو سلوك عود عليه الفرد، وأصبح يقوم به دون تفكير، لأن هذا السلوك دخل ضمن عاداته وتقاليده ؟. حين تجري مقارنة بسيطة بين وقوف مجموعة أمام محل في اليابان وآخر في أي مدينة لدينا، ستشاهد أن أول شخص سيقف أمام المحل الياباني تلقائيا ودون أن يكون هناك «رجل أمن» سيقف الثاني خلفه، وهكذا وإن كان عدد المجموعة بالعشرات، فيما ستشاهد أمام المحل بالمملكة تجمعا عشوائيا أمام الباب، كل شخص يزاحم الآخر ليدخل هو الأول عند فتح المحل. هذا السلوك المشاهد هو النتيجة النهائية لعمل مؤسسة التعليم في اليابان والمملكة، فالفرد في اليابان ومنذ أن يدخل مؤسسة التعليم، تبدأ هذه المؤسسة بالعمل على بناء سلوك له، فهو يدخل للفصل بالطابور ويقف أمام مقصف المدرسة بالطابور، في الوقت نفسه تعمل نظريا على شرح قيمة هذه الانضباطية له وللآخر، وأنك طالما لا تحب أن يسرق أحد دورك، فالآخر مثلك لا يحب أن تسرق دوره. بيد أنك إن تابعت الفرد هنا منذ أن تحتضنه مؤسسة التعليم إلى أن يخرج منها، ستجد أن المؤسسة لا دخل لها في بناء سلوكٍ ما للطالب، وكل ما تعمل عليه نظريا، أنها تخبره أن عليه احترام النظام، في الوقت نفسه هو يشاهد ذاك الصراع أمام مقصف المدرسة دون أن يتدخل أحد لتنظيمه، بل ربما إن مر أمام غرفة المدرسين في الصباح سيشاهد تجمعا عشوائيا من المعلمين أمام دفتر توقيع الحضور، فيصبح مثل معلميه عشوائيا.. وحين يأتي منظر ليوبخه بمقال : «احترام النظام»، ربما سيتمتم : «ولماذا وحدي احترمه» ؟. S_ [email protected]