يعكس توجه وزارة الشؤون البلدية والقروية للتوسع في إقامة شركات للتطوير العمراني في الأمانات والبلديات عمق أزمة تطوير الأراضي في السنوات الأخيرة مما أدى إلى مضاربات وارتفاعات كبيرة غير مبررة في الأسعار. وفاقم من الأزمة بشكل واضح تواضع أداء الكثير من شركات القطاع الخاص في أعمال التطوير نتيجة انحراف البعض منها باتجاه المضاربة على الأراضي لجني الأرباح بدلا من تطويرها. وقال اقتصاديون وعقاريون إن ممارسة عملية التثمين العقاري من جهات غير متخصصة تلحق الضرر بأطراف كثيرة، مشيرين الى أن المثمن العقاري المحترف يعتمد على عدة معطيات منها نوعية العقار وموقعه ومساحته ومستوى المنطقة وجودة الأعمال الهندسية والتشطيبية الداخلية والخارجية، وحالة العرض والطلب بالمنطقة ووظيفة العقار وإمكانية نقل الملكية. وقالوا إن التثمين العشوائي يسبب في إحداث خسائر كبيرة جدًا، مشيرين الى أن من يمارس هذه المهنة لابد أن يعي مالها وما عليها ويعلم أن هناك جهة تراقبه وتحاسبه إن أخطأ ولا يترك دون رقيب أو حسيب ، مؤكدين الى أن المعايير العالمية للتثمين العقاري تكون بمثابة الهيكل الأساسي لعملية التثمين ليتفادى أي خطأ في عملية التثمين. إيصال شبكة المرافق في البداية يقول خالد المبيض المدير العام لإحدى شركات العقار ان توفير شبكات المرافق التي تشمل المياه والكهرباء والصرف الصحي يمثل الهدف المنشود من اي عملية تطوير للأراضي لتصبح جاهزة لإقامة وحدات سكنية عليها في ظل معدل احتياج سنوي يصل الى 150 ألف وحدة سنويا. وقال إن اسناد هذه المهمة الى القطاع الخاص مقابل الحصول على عدد من الوحدات السكنية في المخططات الجديدة لم يحقق أهدافه كاملة في ظل ارتفاع التكاليف وضعف الدعم والتنسيق مع الأمانات والبلديات . واستعرض في هذا السياق اوضاع مخططات ولي العهد في جنوبمكةالمكرمة التي تعاني من اشكاليات مزمنة في إيصال المرافق منذ 30 عاما مما أدى الى تأخير ملحوظ في تطويرها . ورأى ان ايصال المرافق ينبغى ان يحظى بأولوية مطلقة حتى يمكن بث الروح في عشرات المخططات التي تم توزيعها طوال اكثر من 30 عاما بدون اي مرافق او خدمات اساسية. ودعا الى دراسة امكانية توحيد اعمال التطوير في جهة واحدة على ان يتم تقدير ضوابط الحد الأدنى من اعمال التطوير المطلوبة في مختلف المخططات لتحديد قيمة التكاليف. وتساءل عن مدى كفاية التمويل الحكومي لأعمال التطوير ومدى الاعتماد على البنوك والقطاع الخاص في ذلك مشيرا الى ان اعمال التطوير ترتبط بحجم الفراغات وعرض وأطوال الشوارع وأنظمة البناء وكفاءة التصميم . وقال المبيض لا أحد يختلف على أهمية وحساسية مهنة التثمين العقاري في أي سوق عقاري في العالم فهي مهنة أساسية يعتمد عليها الاقتصاد بشكل غير مباشر ومن أهم دعائم اقتصاديات الدول العالمية الكبرى وأي خلل في مراقبة أعمال تلك المهنة سيكون عواقبه وخيمة، مشيرا الى أن المعايير العالمية للتثمين العقاري تكون بمثابة الهيكل الأساسي لعملية التثمين ومن الضروري أن يملك المثمن خبرة عقارية في تطبيق تلك المعايير ليتفادى أي خطأ في عملية التثمين، مطالبا بأن تتبنى جهة رسمية تنظيم تلك المهنة . ارتفاع الأسعار والتقط طرف الحديث عضو اللجنة العقارية في غرفة الرياض الدكتور عبدالله المغلوث مشيرا الى أن السوق العقاري شهد طفرة كبيرة في الأسعار في السنوات الخمس الاخيرة نتيجة لقلة الأراضي الجاهزة للبناء . وأيد الرأي السابق الذي يدعو الى ان تأخذ الجهات الحكومية زمام المبادرة في أعمال التطوير، مشيرا الى تجربة شركة أمانة العاصمة المقدسة في اعمال التطوير في مشروع الاسكان الميسر الذي طرح بأسعار تقل 30 في المائة عن السوق . ورأى ان تدخل الدولة في تطوير العشوائيات يسهم في حل مشكلة الاسكان، مشيرا الى زيادة القرض العقاري الى 500 ألف ريال والسماح بالتقديم للقرض بدون توفر الأرض . مشيرا الى أن التثمين العقاري يعد من أهم نقاط العملية العقارية التي تعتبر خطيرة للغاية لأن ممارسة التثمين من جهات غير متخصصة تلحق الضرر بأطراف كثيرة في العملية العقارية وتلحق الظلم بعدة أطراف مما يضعف من السوق العقاري، وذلك نتيجة إعطاء السلعة العقارية أثمانا مغايرة لثمنها الحقيقي وبروز العشوائيات في تحديد القيمة. أزمة مفتعلة من جهته قال العقاري عبدالله الشهري إن أزمة العقار تبدو مفتعلة وغير مبررة لوجود مساحات كبيرة من الاراضي البيضاء التي لم يتم استغلالها مشيرا الى استعادة حوالى 300 مليون م 2 من لصوص الأراضى مؤخرا في مدينة جدة بمفردها. واشار الى ان المضاربات رفعت الاسعار الى اقصى مدى لافتا في هذا السياق الى ان قطع الاراضي التي لم يكن يتجاوز سعرها 30 ألف ريال على اطراف جدة خاصة الشمالية ارتفعت حتى وصلت الى 400 الف ريال حاليا. وتطرق الى التحولات التي عاشها السوق العقاري في السنوات الأخيرة وخاصة بعد انهيار سوق الاسهم في 2006 مشيرا الى ان هروب رؤوس الاموال الى السوق العقاري ادى الى تسجيل طفرة كبيرة في الاسعار ، بات من الصعب البيع بها حاليا متوقعا في هذا السياق حدوث تراجع في الاسعار واتجاه السوق نحو تصحيح وضعه بنفسه . ورغم ان العقار هو الاستثمار الآمن ، إلا ان المطورين المضاربين أوصلوا السوق الى طريق مغلق. ونفى في هذا السياق وجود طفرة في الإقبال، مشيرا الى ان الحقائق على الارض تشير الى وجود طفرة في العرض على حساب الطلب وليس العكس. ميزانيات مستقلة للتطوير وشاركنا خالد بن عبدالعزيز الغامدي رئيس طائفة العقار في جدة مخالفا الرأي السابق بالقول ان هناك اقبالا كبيرا على طلب الاراضي لبناء مساكن في ظل ارتفاع اسعار وحدات التمليك والإيجارات بنسبة 40 في المائة في السنوات الاخيرة، لكن المشتري غالبا ما يصطدم بارتفاع الاسعار وقلة الخدمات على الرغم من اعتماد هذه المخططات منذ سنوات طويلة. ورأى ان التوسع في اقامة اذرع استثمارية حكومية للتطوير العقاري والعمراني خطوة مهمة على الطريق الصحيح لمواجهة أزمة الإسكان خاصة في ظل ارتفاع الاراضى بصورة مبالغ فيها داعيا الى أهمية ان تكون لهذه الشركات ميزانيات خاصة لاعمال التطوير وان تعمل بعقلية القطاع الخاص بعيدا عن الروتين والبيروقراطية حتى تحقق اهدافها كاملة. وأعاد التأكيد على ان مشكلة الاسكان باتت تمثل هما اجتماعيا واقتصاديا ينبغي التصدي له على كافة المستويات منوها بجهود الدولة في الآونة الاخيرة بجعل هذه المشكلة في صدارة الأولويات من خلال انشاء وزارة للاسكان وتخصيص 250 مليار ريال لبناء 500 الف وحدة سكنية بمختلف المدن فضلا عن زيادة مخصصات صندوق التنمية العقاري لتقليص قوائم الانتظار التي تزيد على 2.3 مليون متقدم 600 ألف منهم قبل الشروع في التقديم بدون شرط توفر الأرض. ورفض وجهة النظر القائلة بقرب انهيار سوق العقار نتيجة الطلب الكبير على الوحدات السكنية لوجود زيادة كبيرة في عدد السكان فضلا عن أن 50 في المائة من سكان المملكة في سن الشباب.