لا تزال سوريا تحتل المرتبة الأولى في بؤر الصراع حول العالم، ولا يزال الموقف في سوريا مشتعلا، فالولاياتالمتحدة توظف الحدث لخدمة أهدافها الاستراتيجية، ومن أهمها تطهير الشرق الأوسط من النفوذ الروسي، وإقصاؤه من وجدان الأمة العربية والإسلامية، والقضاء على آخر معاقله في المنطقة، وبالذات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، لهذا نجد أن الولاياتالمتحدة لم تلق بثقلها لإنهاء الأزمة السورية. والولاياتالمتحدة تلعب على الغباء الروسي، فقد كان بإمكان موسكو أن تضع حلا للأزمة، لكنها أمعنت في الانحياز إلى النظام السوري، وبالتالي لن يقبل الشعب السوري بأي حل يأتي من روسيا، خصوصا أن الكفة أصبحت تميل إلى صالح الثورة الشعبية. لقد استثمرت الولاياتالمتحدة الحرب الأفغانية في مد النفوذ الثقافي إلى آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية، وامتد حتى وصل إلى موسكو، وغرست في ميادينها أعلام (ماكدونالدز) و(بيتزاهت)، وحولت فنادقها إلى استثمارات تجارية أمريكية، فانتشرت فنادق (ريتزكالتون) و(هوليداي إن) وغيرها، واستطاعت أن تبسط في هذه المناطق اللغة الإنجليزية باللكنة الأمريكية، وهو ما يطلق عليه استراتيجية اللغة الواحدة كما عبرت عنه مجلة هارفارد بيزنس ريفيو. لقد بدأت حرب التحرير في سوريا حتى أصبحت القوات الحكومية لا تستطيع أن تدخل إلى المدن المحررة، لهذا عمدت إلى قصفها انتقاما واعتقادا بأن ذلك سوف يخمد الثورة، ويدفع الجيش الوطني إلى الاستسلام، والغريب أن روسيا تمد النظام السوري بالطائرات المروحية المقاتلة لقصف المدن المحررة، وهي تعلم أن النظام زائل. إن الولاياتالمتحدة لا تشعر بالانزعاج من نشوب حرب أهلية في سوريا، وتبتسم لإمداد حكومة إيران قوات النظام بالأفراد والمال كي تستنزف ما تبقى لدى إيران من قدرات مالية واقتصادية، وبالتالي قامت وزيرة الخارجية الأمريكية بزيارة إلى القوقاز بغرض فرض الحصار على إيران، وإغراء أذربيجان بتحريك الأذاريين في الداخل للثورة على طهران، الذين تصل أعدادهم إلى 12 مليون نسمة، وبهذا تكون أمريكا قد بدأت القصف بالقوة الناعمة في العمق الإيراني.