يؤسفني أن تذهب روح في مشاجرة بين يافعين أو مراهقين وشبان يندمون لاحقا وتدفع الأموال لعتق رقابهم وكأن المال سيعيد المقتول، نتابع قضايا عفو مطلوب فيها أرقام فلكية، خاصة بعد حملات تقض مضجعنا ويقلقنا أن تنتهي بالقصاص..مجتمعنا الأصل في أفراده أن عفوهم عند المقدرة وهذا ما يحدث وحصاده «سبعون أسرة تنازلت عن قتلة أبنائها لوجه الله تجاوبا مع شفاعة الملك».. والسؤال لماذا تفاقمت قضايا القتل وتفشت بين اليافعين..! المشاجرات رقم واحد كبيئة خصيبة، والشارع أو الخروج من المدرسة غالبا توقيت يشهد جرائم متكررة، فجعنا يوم السبت الماضي بأخبار حادثتين في محافظة تربة أصيب 5 طلاب بطعنات في الظهر إثر مشاجرة بعد خروجهم من الامتحان، تلاسن تطور إلى اشتباك ثم تطاعن، في الرياض طعن طالب 6 طعنات خلال مضاربة بين أشقائه ومجموعة طلاب، إحصائية وزارة الشؤون الاجتماعية تفيد بحبس 23 ألف حدث خلال 4 أعوام لجرائم..منها قتل وتعاطي مخدرات.. إلخ. الخميس قبل الماضي شهد حدث عفو عن فيصل المالكي في ساحة القصاص وكان أقدم على قتل ثامر المطيري قبل ثمانية أعوام كان عمر المالكي في ذلك الوقت 16 عاما، حالة أخرى محتدمة في منطقة حفر الباطن تعرف بحملة عتق رقبة خالد (18 عاما)، والد المجني عليه بعد ثلاث سنوات اشترط دفع 30 مليونا خلال 3 أشهر تنتهي 29 رمضان المقبل، تتبنى إدارة الحملة قضية خالد عن قناعة لأنه «دافع عن نفسه في موقف صعب». أبجديات تربية اليافعين مفقودة في مجتمعنا، حفظ النفس وكظم الغيض كأولوية يفترض أن تتربى عليها الأجيال تعاني من تجاهل غرسها في وجدانهم، والتربية على أساس احترام الآخر والاختلاف معه بحدود دون وصول الأمر الى إزهاق روح، غياب الأب والقدوة وحوار الأسرة له دور، غيبوبة مؤسسات المجتمع وأهمها مسرح الأحداث «المدرسة، الجامع، المسجد، الشارع، مؤسسات الشباب والرياضة» وعدم ترسيخ مفهوم حفظ النفس وجعل التحدث عنه هاجسا اجتماعيا تربويا وبالطبع التساهل الإعلامي والدرامي في تمرير رسائل القتل وتبسيطها، كلها عوامل تحتاج اشتغالا على الظاهرة والتخفيف من معدلاتها وحدتها.. الأرقام وتضاعفها مؤشر خطير ما لم تتم مواجهتها وتحجيمها من المجتمع ومؤسسات الدولة. a22asma@