في محاولة صغيرة لاستيعاب ما يحدث في زمننا المشحون بالمفاجآت والغرائب؛ عدت مؤخرا لمطالعة رواية «أليس في بلاد العجائب» لصاحب الخيال المذهل والقلم الإنجليزي الرشيق «لويس كارول»، ولم أتمالك دهشتي أمام تلك العبارة الروائية التي سافرت إلينا منذ عام 1865م عبر الصفحات وهي تقول: «لو أن كل واحد يهتم بشؤونه الخاصة، ولا يتدخل في شؤون الآخرين، لكان العالم يسير بقوة أسرع مما يفعل الآن»، شاهدة على أن الحضارة السلوكية للعالم لم تتقدم في هذا الإطار خطوة منذ منتصف القرن التاسع عشر! مازال معظم الناس يتطفلون على خصوصيات معظمهم، ويستميتون في محاولات لي ذراع توجهاتهم الفكرية، واجتثاث معتقداتهم لاستبدالها بما يروق لهم أو يتفق مع مصالحهم، ويهدرون أوقاتهم هدرا بدلا عن استثمار كل لحظة منها في بناء ذواتهم، وتأسيس مستقبلهم، وتطوير شخصياتهم للانطلاق بها نحو النضج الإنساني والحضاري الكفيل بدفع عجلات التنمية في بلدهم. ومن صور الكوميديا الواقعية السوداء تحول وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد لساحات معارك يومية يوقدها أولئك الذين لا يشفون أبدا من عقدة التطفل على ما لا يعنيهم، وكأنها فتحت لهم أبواب ما يظنونه واجبهم في إصلاح العالم، ومعالجته من أوبئته السلوكية والفكرية والمجتمعية! في حين يعجزون عن معالجة نفوسهم من رذيلة التطفل، وغرور الذات التي تتوهم أن آراءها وأفعالها صواب لا يحتمل الخطأ، وآراء غيرها خطأ لا يحتمل الصواب!! ركز على شؤون نفسك لئلا تلقى ما لا يرضيك، أما إذا أبيت إلا التسلل دون استئذان إلى شؤون غيرك، فلا تدهش إذا جاء أقل رد فعل يواجهك مماثلا لما وصفه اتحاد قصيدة الشاعر تركي بصوت عبدالمجيد عب الله: «نظره بمعنى: اشدخلك؟!». للتواصُل عبر تويتر: Twitter @zainabahrani [email protected]