قضيت ليلة البارحة في صحبة كتاب (المرأة والولاية العامة بين الفقه الإسلامي والقوانين العربية) تأليف رياض محسن الصيخان ومن منشورات مدارك عام 2011، الكتاب في أصله، كما يقول المؤلف، كان بحثا دراسيا قدم لكلية الحقوق في جامعة الإسكندرية من أجل نيل درجة الماجستير. ولأن الكتاب في أصله بحث أكاديمي فإنه يلتزم بالمنهجية العلمية، والتوثيق الصحيح، وهذا ما نفتقده غالبا في كثير من الكتب هذه الأيام، ولذلك هو يصلح أن يكون مرجعا علميا موثقا في موضوعه. الكتاب يتضمن جمع وعرض ما ورد من أقوال وآراء في قضية تولي المرأة شؤون المجتمع والحياة، سواء في الفقه الإسلامي أو في القوانين المدنية المحدثة في بعض البلاد العربية. وقد عمد المؤلف في تنظيمه للكتاب إلى تقسيم الموضوعات إلى أبواب وفصول، يتضمن كل باب منه الحكم في ولاية المرأة في مجال من المجالات مثل باب (حكم تولي المرأة الولاية العظمى في الفقه الإسلامي والقوانين العربية) وباب (حكم تولي المرأة الوزارة في الفقه الإسلامي والقوانين العربية) وباب (حكم تولي المرأة القضاء في الفقه الإسلامي والقوانين العربية) وباب ( حكم اشتراك المرأة في الانتخابات ودخول المجالس النيابية في الفقه والقوانين العربية). ثم قسم كل باب إلى فصول يتضمن كل فصل منها عددا من المباحث، وقد حرص المؤلف أن يضمن كتابه مواقف ثلاثة حول تلك القضية الشائكة: (الرأي المانع)، و(الرأي المجيز)، و(الرأي المختار) ويقصد به ما يؤيده المؤلف من الرأيين. الكتاب في مضمونه ثري بموجز الآراء الفقهية للمذاهب الإسلامية السنية على اختلافها، وترد فيه الآراء المختلفة ومعها مناقشاتها ومبرراتها وأدلتها سواء المجيزة أو المانعة، كما يرد فيه ما هو مطبق حاليا في بعض البلاد العربية من قوانين تجيز أو تمنع مشاركة المرأة في المجالات السياسية والقضائية، ففي مجال القضاء نجد القوانين المدنية الحديثة في عدد من البلاد العربية تجيز للمرأة تولي القضاء مثل ما هو معمول به في مصر واليمن وليبيا والمغرب والسودان، وفي مجال السياسة أجيز لها في كثير من البلاد العربية مثل مصر وتونس وسورية وموريتانيا والمغرب والبحرين تولي حقيبة وزارية، ولم يعد عمل المرأة في الوزارات المختلفة أمرا محظورا، إلا أن هذا لا يعني أن المرأة في جميع البلاد العربية فتحت أمامها جميع الأبواب السياسية للمشاركة، هناك من البلاد العربية دول ما زالت تحجم عن إعطاء المرأة فرصة المشاركة السياسية، بل إنها ما زالت تتجادل حول مجرد حق المرأة في الانتخاب واختيار من يمثلها في المجالس التشريعية. أما تولي المرأة منصب رئاسة الوزارة أو رئاسة الجمهورية، فيبدو بعيدا جدا والفرصة في تحقق ذلك ما زالت معدومة أمامها بحكم اتفاق جميع البلاد العربية على أن ذلك المنصب (ولاية عظمى) لا اختلاف حول عدم جواز توليتها للمرأة!! وفي ختام الكتاب يسرد المؤلف بعض المعوقات التي تعرقل التوسع في مشاركة المرأة السياسية مثل انتشار الأمية وتحكم التقاليد والضغط الاجتماعي والفهم الخاطئ لرأي الدين.