ليس من المقبول في الشأن الثقافي سواء على مستوى الرأي أو البحث أو المقال أن يتشبث المثقف برأيه أو بأفكاره أو أن يشتغل بالدفاع المستميت عن تلك الأفكار والرؤى وكأنها نص مقدس لايقبل المساس أو التشكيك!! فما هو حقيقة كبرى أمامنا اليوم يصبح في الغد عكس ذلك تماما، فكل شيء قابل للتحول والتغير والتطور فتلك سنة من سنن الله في الأرض والمثقف الحقيقي هو الذي لايكف عن إنتاج الأفكار وعليه القبول برياح الاختلاف حين تهب نحو أفكاره وآرائه؛ لأن في الاختلاف حياة متجددة للأفكار .. إن عليه أن يقبل تقويض أفكاره حين يكتشف الحقيقة وحين يأتيه الرأي الآخر من كاتب أو من باحث آخر يشتغل في نفس المسار وتلك ظواهر مألوفة يتم تداولها في البيئات ذات المستوى الفكري العالي.. وحتى على مستوى الكتابة الصحافية فما نطرحه بين الحين والآخر ليس كل الحقيقة على الاطلاق، بل إنه حالة بحث عن الحقيقة وقراءة لظلال الأشياء وليس أكثر.. أقول هذا الرأي بعد أن قرأت حوار الكاتب صالح الشيحي مؤخرا في جريدة سبق الإلكترونية وقد تحدث مرة أخرى عن ملتقى المثقفين السعوديين، وهو الذي سبق أن وصفه قبل مدة فائتة (بالخزي والعار) ومايزال عند رأيه حيث يؤكد بتغريدته تلك هدم أبنية هشة كثيرة، وكانت بمنزلة مرحلة مفصلية رغم أنف الكارهين.. وأن الخسائر الدنيوية لا تعنيه (هكذا نجد أنفسنا أمام كاتب يتمترس خلف مقولة مخجلة ويصر على رأيه المخالف للصواب، وكأن ذلك الرأي هو أكبر منجز ثقافي وحضاري يقدمه كاتبنا القدير لمجتمعنا وللرأي العام الذي يظن أنه سيحتفي به؟؟!! وكم هو محزن للغاية ما آل إليه حال الكاتب الشيحي، وقد تأكد لنا أنه بالفعل يغرد خارج السرب الثقافي ويقدم نفسه كحالة استثمارية مبتذلة لأطراف لها مواقفها المسبقة من الكاتب ومن المثقف والأديب.. وكان من الصادم أن يلعب كاتبنا الشمالي تلك الأدوار ويصر على استمرارية اللعب حتى النهاية.. فكان الأجدر أن يبادر بالاعتذار وكان خليقا به أن يفتش عن قضايا تهم مجتمعنا بدلا من لغة الوعظ المخاتلة والمكشوفة للعيان. ورقة أخيرة: حين اعتلى باتجاه الأفق صوته قرأ موته.. وحين لعق من الرحيق رشفة لقي حتفه.. [email protected]