أخبار كثيرة غير سارة نسمعها عن تطبيق قرار السماح لأعضاء هيئة التدريس السعوديين بتقديم استشارات للقطاع الخاص، الصادر برقم 123 وتاريخ 12/9/1412ه وللأسف الشديد فإن بعض الأطباء على وجه الخصوص هم الأكثر اختراقا لضوابط هذا القرار وإمعانا في سوء تطبيقه. من أهم الضوابط أن لا يتعارض تقديم الاستشارة مع الواجبات الأساسية لعضو هيئة التدريس في الجامعة وأن يلتزم بالتواجد في العيادات والمختبرات في الأوقات المخصصة له من قبل القسم أو الكلية، وأن يساهم في عضوية لجان القسم والكلية وأن يحرص على حضور اجتماعات اللجان وجلسات جميع المجالس التي ينتمي إلى عضويتها، وأن لا يساهم عضو هيئة التدريس بتقديم استشارته لدى أكثر من جهة واحدة من جهات القطاع الخاص في نفس الوقت، كما لا يجوز له أن يجمع بين تقديم استشارته لإحدى جهات القطاع الخاص وبين خدماته الاستشارية لإحدى الأجهزة الحكومية، وأن تحدد مدة الاستشارة بسنة واحدة قابلة للتجديد وفق ضوابط محددة. كل ما سبق لم يلتزم به بعض الأطباء وأصبح وضعهم مؤسفا ونحن نراهم يقفزون من مستشفى لآخر، صباحا ومساء، يلهثون من التعب وضعف التركيز حتى أنهم أصبحوا لا يتذكرون مرضاهم جيدا، وأما التزامهم بواجبهم الأساسي في التعليم الطبي فإنه أصبح خطيرا على طلابهم وطالباتهم، وعلى مستوى مهنة الطب مستقبلا . كثير من هؤلاء لا يشاهدون في قاعات كلية الطب إلا نادرا، وليست مفاجأة حين يؤكد بعض الطلاب والطالبات أن العام الدراسي يكاد ينتهي وهم لم يشاهدوا أو يستمعوا إلى محاضرة من طبيب موجود في جداولهم..أصبحت المحاضرات تقدم من الباطن عن طريق النواب وبعض المعيدين مما يعد مخالفة صريحة لأخلاق المهنة والتزاماتها وواجباتها، وكذلك أنظمة العمل كعضو هيئة تدريس. وإذا كان الغرض هو استفادة الطبيب ماليا وإفادة القطاع الخاص بخبرته، فإن الأمر تجاوز حدود المعقول والمقبول وأصبح في بعض جوانبه سوقا رديئة وغير مشرفة لمهنة إنسانية كالطب كما أن صورة أستاذ كلية الطب كقدوة لطلابه وطالباته تشوهت كثيرا وفقدت احترامها وهو يمارس هذا العبث والسقوط بحثا عن مزيد من المال.. وهنا لا بد من سؤال إدارات الجامعات وعمادات كليات الطب كيف سمحت بهذه التجاوزات وكيف تقف متفرجة عليها وكيف تقامر بمستوى أطباء وطبيبات المستقبل.