الله سبحانه وتعالى هدانا في القرآن الكريم إلى الاستشهاد بضرب الأمثال والاعتبار بمخلوقات الله ففي الاستشهاد بمثل تدبر وتوضيح وفهم، وفي أخذ العبرة من سلوك أي مخلوق من مخلوقات الله مهما صغر أو كبر تعلم واسترشاد وأحيانا اقتداء، والأمثلة في القرآن الكريم كثيرة ومن يتدبر القرآن يدرك أنه لا عيب في ضرب الأمثال ولا أخذ العبرة من الحيوانات وحتى الحشرات مهما ضعفت أو صغرت، (إن الله لا يَسْتحْيي أنْ يَضْرب مَثلًا مَا بَعُوضَة فمَا فَوْقهَا)، وقد أرسل الله غرابا ليتعلم الإنسان منه كيف يواري سوأة أخيه (قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي). أنا هنا أريد أن نستفيد من السلوك الخاطئ لحشرة ضعيفة جدا، وربما لا يعرفها بعض شباب هذا العصر ممن لم يقضوا ليلا في الصحراء، ويشعلوا النار في الظلام الدامس لتكون لهم نورا، إنها نوع من الفراش الصغير يسمى (أبو قباس) بحجم الذباب وأخف منه وأنظف لكنه مولع بالضوء، ينجذب للضوء بشكل كبير، حتى إنه يتجه إلى النار منجذبا لنورها فيحترق، وتقول العرب فلان مثل أبو قباس يلقي بنفسه في النار!!. أتمنى لو استفاد أناس كثر من هذا المخلوق أو تلك الحشرة، ليس باتخاذها مثلا والاقتداء بسلوكها، بل بأخذها عبرة، وتجنب سلوكها وذلك في التعاطي مع أضواء الإعلام فالبعض تستهويه فلاشات وأضواء الإعلام بدرجة كبيرة، تجعله يرتمي بين نيران الفلاشات الإعلامية الملتهبة فيحرق نفسه ويحرق كل ما جمع، فأبو قباس لو اكتفى من النار بدفئها وضوئها عن بعد أو عن مسافة غير قريبة جدا لحصل على الضوء والدفء ولم يحترق، أنا شخصيا أشفق على أبو قباس وشغلي الشاغل في جلسات السمر على ضوء نار البر الشتوية أن أختطفه بيدي وأرميه بعيدا عنها لكنه يعود وهو هش إن شددت يدك عليه مات وإن تركته احترق، ولا تستطيع أن تقول له (يا بوقباس اعقل).