يتذمر الكثير من طلاب وطالبات جامعة القصيم من صعوبة الامتحانات التي تعد لهم بهدف تحديد وتقليل المميزين الذين يحق لهم دخول كليات الطب والهندسة وسواها بما يتناسب مع الأعداد القليلة المخصصة لهذه التخصصات والتي لا تلبي الاحتياجات الفعلية ولا تساير الظروف الراهنة, تلك التي يقف في مقدمتها جيوش من خريجي الكليات النظرية الذين أنهوا دراستهم وأصبحوا ينتظرون توظيفهم سنوات وسنوات, ويستغرب كل مدرك لمتطلبات المرحلة الحالية تقييد الأعداد المزمع قبولها في الكليات العلمية, وتجاهل الحاجة لقبول عدد كبير ينسجم مع إفرازات الواقع. وكل متابع منصف لا يجد بحال من الأحوال مبررا منطقيا ومقبولا يتماشى مع عدم توسيع القبول في هذه المجالات المهمة, بل وتشجيع الراغبين للالتحاق بهذه الكليات والتخصصات التي تحتاجها البلاد، أليس معظم الأطباء العاملين في مستشفياتنا ومراكز الرعاية الأولية لدينا وافدون ،بينما يضيق على أولادنا القبول في كليات الطب والهندسة ويفرض عليهم دخول مجالات دراسية لا تتماشى مع ميولهم ولا تتناغم مع طموحهم, ناهيك وهو الأمر والأدهى تعذر وجود فرص عمل لهم بعد تخريجهم, وعليهم أن يأخذوا طريقهم ويصطفوا مع الطوابير المنتظرة لسنوات, بينما نجد أن فرص العمل في المجالات الطبية والهندسية يشغلها أطباء قادمون من آسيا أو من دول عربية وجدوا الفرصة من جامعاتهم في بلادهم بدخول أعداد كبيرة, ثم حضروا لمزاولة العمل لدينا, ومستويات كثيرة منهم متدنية، وأصبحنا نمنحهم المال والتدريب وحين يمتلكون المهارات العالية بفضل تدربهم على المواطنين يذهبون إلى بلادهم أو يتعاقدون مع جهات أخرى، بينما أولادنا وبناتنا محرومون من هذه الفرص, طاقات بشرية شبه مهدرة تحرم من ميولها وحاجة البلد لها في وقت يتاح للبعيد التنعم بها، أولادنا أولى من سواهم بالاستفادة من هذه الفرص حتى لا ينضموا إلى لوائح العاطلين بسبب إبعادهم عن المجالات التي تحتاجهم ويرغبون فيها. والأمر الغريب مرور سنوات دون تقييم هذا الواقع والنهوض بتعديل المسارات, حتى تساير متطلبات المرحلة الحاضرة والمقبلة، والعمل على توسيع عدد المسموح بقبولهم ودخولهم هذه الكليات، إلى جانب العمل الجاد والسريع على فتح كليات إضافية تواكب متطلبات هذه المرحلة والحاجة الملحة, حتى تتناسب مع عدد الراغبين, نرجو من المسؤولين المختصين في هذه المجالات سرعة المعالجة, حتى لا نقف عثرة أمام مستقبل هذه الأجيال, وعلينا أن نمنحهم القوة والعزيمة وندفعهم إلى هذه المجالات, ونبارك خطواتهم ونيسر عليهم, فليست الدراسة بالجامعة كل شيء, بل «الميدان يا حميدان» مباشرة العمل والخبرة التي يقطفها الطبيب أو المهندس هي التي تحكم في النهاية على نجاحه ومهارته، الأمر يحتاج إلى من يستشرف المستقبل بعيون واسعة ونظرة ثاقبة. صالح بن عبدالله العثيم