كثير من الأحبة يقولون لقد عرفنا النصوص الواردة في وجوب بر الوالدين وسمعناها ونحن منقادون إليها ولكن نريد من الدعاة أن يبينوا لنا وسائل وطرق وكيفيات نكون من خلالها في أحسن درجات البر للوالدين، فأقول وبالله التوفيق، أول أمر تبدأ فيه إذا كنت لا تسكن مع الوالدين في الدار التي يسكنون فيها أن تكثر من زيارتهم ومن المعلوم أن الله يحب المتزاورين فيه ووعدهم بأنهم على منابر من نور فكيف بمن يزور والديه يريد بذلك إرضاءه سبحانه والإحسان إلى الإنسان الذي هو أصل وسبب بعد مشيئة الله تعالى في وجود هذا الإنسان فأنت حينما تزور والدتك أو والدك أو والديك فإنك في روضة من رياض الجنة وفي طاعة من الطاعات، ثم أخي الحبيب إذا أردت أن تذهب إلى زيارة الوالدين فأصلح النية وإذا نالك شيء من الكسل والملل الذي يورده الشيطان أحيانا إلى القلب فاستعذ دوما وجدد النية قبل الزيارة وأثناءها مريدا رضى الله سبحانه وإسعاد الوالدين والإحسان إليهما و مؤانستهما وتريد التفريج عنهما، كل ذلك اجعله في نيتك وسيدفع الله تعالى عنك الملل والكسل الذي يجده بعضنا أحيانا، ثم إذا مضيت إلى زيارة الوالدين فلا تدخل معك إلى دارهما همومك وأحزانك فإن بعض الأبناء وإن كانوا كبارا يدخل أحدهم وهو يحمل همومه وأحزانه فبدل أن يسر الوالدان بالزيارة إذا بهما يحزنان على ما أصاب الابن ويبدأ الابن بالشكوى مما ألم به في وظيفته أو فيما حصل له مع أبنائه أو بعض زملائه أو ما ألم به من مرض أو نصب أو غير ذلك فيخرج من الزيارة وقد أتى للوالدين بهم جديد فوق هم كبر السن وضعف البدن، فأوصيك أخي الحبيب كما أوصي نفسي بأن يحرص الزائر لوالديه على أن يدخل دار والديه زائرا لهما بالبشر والسرور وينزع همومه خارج الدار ولا يدخل بشيء منها أبدا ولو تكلف السرور إذا كان حزينا واجعل الابتهاج رداء لك وبهاء وجمالا أمام الوالدين حتى إذا كنت مكلوما مهموما وإذا جالست الوالدين فأنصت إلى شكواهما مما يشكونه غالبا أو أحدهما من مرض من الأمراض أو ضعف البدن أو هم من الهموم فأنصت إلى هذه الشكوى ولو كرروها في كل زيارة زرتهم فيها ولو سمعت هذه الشكوى ألف مرة منهما فلا تظهر مللا ولا انزعاجا ولا تقاطع شكواهما واظهر لهما التألم لما أصابهما وعليك أن تحيي الأمل بالشفاء والعافية بعد سماع الشكوى وإذا شكا لك أحد الوالدين هما من هموم الحياة فساعده بالمشورة الحسنة وطمئن قلبه وآمن روعاته بحسن الملاطفة وحبذا أن تزين المجلس بقصص وأخبار تذكر فيها ما يأنس به الوالدان وهذا يجعل المجلس بعيدا عن الرتابة بعيدا عن الملل وكن متلطفا وتأمل قوله تعالى «واخفض لهما جناح الذل من الرحمة» أي كن رحيما لطيفا بالعبارات التي تنتقيها حتى لو أكثرت من الشكوى في المجلس ودخل إليك الملل فلا تقاطعهما ولا تشعرهما أنك مللت من هذه الشكوى وحاول أن تكون مدخلا للسرور عليهما وتأمل حقيقة أن إدخال السرور على عموم المسلمين صدقة كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فما بالك بإدخالك السرور على الوالدين. المشرف العام على الدعوة والإرشاد في منطقة المدينة المنورة