تشير الوثائق السياسية والتجارب الاختيارية في تعيين الوزراء في عالمنا العربي والإسلامي أنها تقوم وفق أليات ومنظومات يمكن تصنيفها كما أشار إليها فقهاء السياسة الشرعية وعلم الإدارة الحكومية إلى فئات منها: الاختيار القائم على جدارة الشخص وسمعته وسيرته وتخصصه في المجال المختار له. ومنها الاختيار السريع سدا للفراغ ويكون قيامه على المجاملة والمحاباة لقرابة أو علاقة بدواوين ومطبخ لاختيار أو بتوصية صغيرة، كما يحدث في بعض الأنظمة في العالم العربي والإسلامي أو قد يدفع الشخص كعين لدولة كبرى لها مصالح ونفوذ وسيطرة. وفي تراثنا السياسي الإسلامي تشير أدبيات الحكم والإدارة أن ولاية أمور الناس تعتبر من فروض الكفايات وهي من أهم واجبات الدين، بل لا قيام بأمور الدين والدنيا إلا بحسن اختيار ولاة وعمال ووزراء الدولة الإسلامية إذ الوزارات تشد قواعد الممالك وتسد مكايد الشياطين الغوية، قال النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا اراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره، وأن ذكر أعانه، وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره، وأن ذكره لم يعنه، فخير الوزراء أصلحهم لتلمس حاجات الرعية وأصدقهم نية في النصيحة، وفي المملكة تقوم اختيارات موظف الدولة الكبار من الوزراء وغيرهم على حسن الاختيار والدقة فمن ذلك ما حكاه لي معالي الوالد الشيخ محمد العوضي (1432) رحمه الله أنه لما وقع اختيار الملك فيصل رحمه لله له وزيرا للتجارة والصناعة استدعاه إلى مكتبه في الديوان الملكي بالطائف، وقال له مخاطبا: يا أخ محمد لقد كنت أبحث عن سيرتك وعملك فتجمعت فيك النزاهة والإخلاص والأمانة وقد وقع اختياري عليك وزيرا وطلب الأمر الملكي المعد ووقعه ثم عاد الشيخ العوضي وسمع عبر المذياع الأمر الملكي بالتعيين يعلق الوزير العوضي رحمه الله قائلا كان يسأل وينقب وعنده خبره بالرجال فحصا وتقصيا. والكل يشهد للوزير العوضي بالمثالية والإخلاص لدينه ووطنه وملكه. والمثال الثاني في الاختيار لمعالي السيد حسن كتبي وزير الحج والأوقاف (1433) رحمه الله الذي كان هو الآخر من تلك الاختيارات وقد أبلى كل منهما بلاء حسنا في منصبيهما وبالله التوفيق