دعا مجلس الشورى في جلسته يوم الأحد الماضي صندوق التنمية العقاري إلى بناء قاعدة المعلومات المحدثة عن المتقدمين للقروض السكنية لضمان حصول المواطن وخاصة ذوي الدخل المحدود على السكن في الوقت والسعر المناسبين والبدء في المشاركة مع القطاع الخاص لتمويل وبناء الوحدات السكنية وقد تناولت في مقال سابق بعض الحلول للتكامل مع البنوك في التمويل والمشاركة مع شركات التطوير العقاري في بناء الوحدات السكنية المطلوبة للقروض، ولو افترضنا جدلا أن وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقاري استحسنوا الطرح الذي تناولته بعنوان مثلث قروض الإسكان، فهل تتجاوب البنوك التجارية مع الفكرة ؟، وهل تتلاءم الفكرة مع مبدأ البنوك في التعامل مع العائد والمخاطرة ؟، وفي جانب آخر هل تتجاوب شركات التطوير العقاري مع فكرة المثلث لتكون أحد أقطابها ؟، وهل تستحسن ضمان التسويق ؟.. أم تفضل المشاركة الاستثمارية ؟. إن المتابع لسوق التمويل السعودي يعرف جيدا أن البنوك التجارية في المملكة لديها سيولة عالية بسبب حجم الودائع الجارية والادخارية وهذه السيولة متاحة للاستثمار المحلي لعدة أسباب منها قيود مؤسسة النقد ومنها التوزيع النوعي والجغرافي للاستثمار وهي استراتيجية أساسية للبنك. والمشكلة في الاستثمار المحلي أن الأوعية الاستثمارية المتاحة محدودة جدا ويشكل الاستثمار العقاري جزءا أساسيا منها. ونتيجة لتعثر بعض المشاريع ودخول بعض المقاولين والشركات في أزمات مالية فقد تحفظت البنوك التجارية من التوسع في إقراض الشركات المتعثرة، وفي جانب آخر هي غير متفاعلة مع المشاريع الصغيرة لارتفاع نسبة المخاطرة فيها لضعف بنيتها الأساسية والتنظيمية وانعدام الضمانات المالية وبالتالي اتجهت البنوك إلى القروض الاستهلاكية وتشمل التمويل العقاري والسيارات والمعدات حيث ارتفع حجم تلك القروض من حوالى 180 مليار ريال عام 2009 إلى حوالى 199مليار في العام التالي وتجاوزت 242 مليارا بنهاية العام المنصرم 2011 مما يعني أنها تجد في القروض العقارية للأفراد الملاذ الآمن لتشغيل السيولة المتاحة عندها برهن العقار ودفعة مقدمة لتأمين المخاطرة وخاصة خلال فترة انتعاش العقار في المملكة. فتحقق عائد على القروض العقارية بمعدل 3 4 % سنويا وهي أعلى من العوائد التي تدفعها على الإيداعات فكيف يكون الحال عندما يقدم لها صندوق التنمية العقاري فرص القروض العقارية على طبق من ذهب فيتحمل عن المقترض هامش المرابحة لفترة سداد محددة بعشر سنوات مع إعطاء البنك فرصا أخرى مصاحبة للتفاوض الثنائي بينه وبين المقترض لزيادة سقف القرض عن خمسمائة ألف أو زيادة فترة السداد. ويتحمل المقترض أعباء تلك الفروقات بما يحقق استفادة أكثر للبنك، من الطبيعي جدا أن تتجاوب البنوك التجارية مع صندوق التنمية العقاري في مثلث قروض الإسكان سواء في ظل الظروف الحالية والمستقبلية أيضا. وكذلك شركات التطوير العقاري فإن تجاوبها يمكن أن يتعدى حدود نظام الضامن إلى نظام المشاركة الاستثمارية لسبب بسيط وهو حاجتها للتمويل الذي هو بالمشاركة أفضل من التمويل بالقروض وخاصة في المشاريع الكبيرة المرهقة ماليا بالإضافة إلى توزيع المخاطرة والاستفادة من البنية المعلوماتية للصندوق لتحقيق تخطيط وتسويق ناجح للوحدات السكنية للمواطنين المعتمد إقراضهم من قبل الصندوق والمتتبع لمشاريع التطوير العقاري يشاهد يوميا هدم المنازل والفلل وإحلالها بمشاريع عمائر جديدة تحتوي على وحدات شقق سكنية متاحة للتمليك بما يحقق عائدا يتجاوز العشرة ملايين ريال في مساحة أرض لا تتجاوز ثمانمائة متر مربع مما يعني وجود فرص استثمارية ذهبية لصندوق التنمية العقاري لمشاركة القطاع الخاص في هذه الأرباح بما يغطي معدل دوران عال في تحمل هامش المرابحة التي يدفعها للبنوك الممولة لقروض الإسكان.. أثمن لصندوق التنمية العقاري مبادراته في الحلول العاجلة وأتمنى منه الاستفادة من الحلول الابتكارية المركبة لضمان التنمية المستدامة بإذن الله.