أكد ل«عكاظ» صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات، أن البيئات البحرية سواء الموجودة في البحر الأحمر أو الخليج أو في مختلف بقاع العالم تواجه العديد من التحديات البيئية، لافتا إلى أن نصف سكان العالم يعيشون في بيئات ساحلية بحرية تشهد ضغوطا كبيرة نظرا للاستخدام المفرط للمصادر البحرية. وأضاف الأمير خالد بن سلطان «إن المسطحات المائية تغطي 75% تقريبا من مساحة الكرة الأرضية ومعظم الذين يعيشون على اليابسة لا يتوفر لديهم الوعي الكافي للمحافظة عليها، منوها باعتماد المؤسسة لبرنامج البعثات الاستكشافية لدراسة الشعاب المرجانية في مختلف المحيطات التي تتعرض 58% منها للتهديد والتدهور، واعتماد برنامج «علم بلا حدود» وهو مبادرة تم تسجيلها في كثير من دول العالم بما في ذلك المملكة لتوفير العلوم المطلوبة للتعرف على البيئات وبالأخص البحرية، وتقديم الحلول اللازمة للمشاكل التي تنتابها. واعتبر الأمير خالد بن سلطان أن الأطلس البحري للمواطن الطبيعية في البحر الأحمر الذي تم الإعلان عنه يعتبر أول عمل علمي من نوعه يعد عن المملكة، وهو بلا شك إنجاز غير مسبوق قام عليه عدد من الباحثين والعلماء العالميين التابعين لمؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات. وفي ما يلي نص الحوار: • يواجه البحر الأحمر العديد من التحديات البيئية، كيف تقيمون الجهود المبذولة للمحافظة على ثرواته؟ • ليس من شك أن البيئات البحرية سواء تلك الموجودة في البحر الأحمر أو الخليج أو حتى البيئات البحرية في مختلف بقاع العالم تواجه العديد من التحديات البيئية سواء تلك المتمثلة في الاستهلاك المفرط لمواردها الطبيعية أو أشكال التلوث المختلفة من صناعية ومدنية. وتقوم حكومة خادم الحرمين الشريفين ببذل جهود حثيثة للحد من تفاقم المشكلة التي تتطلب وقتا وجهدا وموارد مالية ومن المؤمل أن تستمر الجهود المبذولة وصولا للحماية الكاملة لبيئاتنا البحرية. ثقافة البحار • البحار تواجه تحديات عديدة، من وجهة نظر سموكم كيف يمكن تأكيد نشر وتثبيت ثقافة علوم البحار وكنوزها وكيفية تنميتها؟ • للبحار والمحيطات أهمية بالغة في حياة البشر، ولذلك تتركز أعلى كثافة بشرية على سواحل البحار والمحيطات، والمدن الساحلية هي أعرق مدن العالم حضارة وأكثرها مدنية، إليها تهوي الأنفس وفيها تسر الأعين، قال تعالى «وهو الذي سخر لكم البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون»، والحياة كما خلقها الله تنتظم وتعمل من خلال نظم بيئية متنوعة منتجة داعمة للحياة تتوزع على البحار والمحيطات واليابسة، ويضم كل نظام بيئي مجتمعات متجانسة متآلفة من مختلف أنواع الكائنات الحية التي تعمل في تناغم وتوازن كامل، لتدور عجلة الحياة وتستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وتكون الاستفادة من ثقافة علوم البحار من خلال استثمار معارف علوم البحار التي تمكن من الحفاظ على البيئة البحرية بكل ما تتضمنه من ثروات وموارد بحرية طبيعية هي في حقيقتها كنوز خلقها الله ليستثمرها الإنسان استثمارا مستداما، ومن المؤكد أن ذلك لن يتأتى دون الاستثمار في المعارف والمعلومات التي تتوفر من خلال البحوث والدراسات وإتاحتها للدارسين والمديرين المسؤولين عن الإدارة البيئية في هذه المواقع، وكما هو معروف فإن الإنسان عدو لما يجهل ومن هنا كان اهتمامنا بهذه الجوانب التي تشكل بالفعل تحديات حقيقية يجب التعامل معها انطلاقا من المعرفة الحقيقية بأبعاد هذه التحديات، حيث من المعروف أن نصف سكان العالم يعيشون في بيئات ساحلية بحرية مما يؤدي إلى ضغوط كبيرة نظرا للاستخدام المفرط للمصادر البحرية. أما عن كيفية نشر وتثبيت ثقافة علوم البحار وتنميتها فلا تتم إلا من خلال التثقيف البيئي الذي يؤدي بلا شك إلى التنمية، ومن هذا المنطلق كان اهتمامنا بتبني الأبحاث العلمية محليا وعالميا وتوفير متطلباتها انطلاقا من سفينة الأبحاث وطواقم البحث العلمي التي نأمل أن تكرس لخدمة الإنسانية في مختلف أنحاء العالم، حيث اعتمدنا برنامج البعثات الاستكشافية لدراسة الشعاب المرجانية في مختلف المحيطات التي تتعرض 58% منها للتهديد والتدهور، كما اعتمدنا برنامج «علم بلا حدود» وهو مبادرة تم تسجيلها في كثير من دول العالم بما في ذلك المملكة نتوخى من خلالها توفير العلوم المطلوبة للتعرف على البيئات وبالأخص البحرية، وتقديم الحلول اللازمة للمشاكل التي تنتابها، ونأمل أن يتطور هذا البرنامج لتشمل خدماته كل المحتاجين له في مختلف بقاع العالم، وليس بخاف أن المسطحات المائية تغطي 75% تقريبا من مساحة الكرة الأرضية ومعظم الذين يعيشون على اليابسة لا يتوفر لديهم الوعي الكافي للمحافظة عليها، وهنا تكمن أهمية التعليم والتوعية، وقد قامت المؤسسة في هذا الصدد بالعديد من البرامج التوعوية كإقامة فصول تعليمية حية من تحت الماء، أو من خلال توفير نتائج الأبحاث على شبكة الإنترنت، أو من خلال الاستثمار في الأجيال المستقبلية وفقا لبرنامج المنح ورعاية طلاب الدراسات العليا. تلوث الشواطئ • هناك دراسات عديدة كشفت أن جدة تعاني من ارتفاع نسب الملوثات في شواطئها، ما تعليق سموكم حول ذلك؟ • اتفق معكم أن هناك العديد من صور التلوث إلا أن الجهود المبذولة حاليا في المملكة ستضع إن شاء الله حدا لذلك، ومن المهم أن تلقى هذه الجهود الدعم اللازم سواء من قبل الأجهزة المختصة والمسؤولة عن التمويل أو من خلال تضافر جهود المواطن مع الأجهزة الحكومية وهو ما يتطلب ترسيخ ثقافة التوعية البيئية. كرسي بيئي • وقعتم مع جامعة الملك عبدالعزيز اتفاقية إنشاء كرسي الأمير خالد بن سلطان للمحافظة على البيئة البحرية الساحلية، ما هي أبرز أهداف الكرسي؟ • تحدثت باستفاضة في كلمتي التي سعدت بإلقائها في حفل افتتاح ندوة الشعاب المرجانية عن الجامعة ومكانتها ودورها كمنارة علمية تكرس كل جهودها لانطلاق عصر جديد من الإنجاز العلمي، وفي هذا السياق تأتي أهمية اتفاقية إنشاء كرسي للمحافظة على البيئة البحرية الساحلية الذي نأمل أن يحقق الأهداف المرجوة من إنشائه والمتمثلة فيما يلي: الوقوف على الوضع الراهن للبيئة البحرية الساحلية، التقييم النوعي والكمي للأخطار البيئية التي تهدد البيئة البحرية الساحلية، التوصل إلى أنسب السبل التي من شأنها تحقيق مفهوم التنمية المستدامة للمنطقة الساحلية، اقتراح الطرق الفعالة لإعادة تأهيل البيئة البحرية الساحلية واستعادة مقوماتها الطبيعية، وإطلاق حملة مستمرة للتوعية بأهمية المحافظة على البيئة البحرية الساحلية وإنمائها. توصيات الندوة • احتضنت مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات مؤخرا ندوة عالمية حول المحافظة على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر في المملكة ما هي أبرز نتائج هذا اللقاء؟ • لقد كان للندوة العالمية عن المحافظة على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر صدى جيد لدى الأوساط العلمية في المملكة العربية السعودية وخارجها، وقد تمثل ذلك في العدد الكبير من المشاركين في فعالياتها من داخل المملكة وخارجها سواء من الجامعات والمؤسسات الأكاديمية أو من الهيئات المعنية بشؤون المحافظة على الحياة البحرية، وأبرز ما توصلت إليه الندوة هو: توحيد الطرق والتقنيات المستخدمة في مراقبة ومتابعة الشعاب المرجانية وجعلها طرقا قياسية (معيارية)، تكوين فرق بحثية من الجامعات ومؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات بحيث يتم تدريب الكوادر السعودية على الطرق التقنية التي تتبعها المؤسسة، تشجيع الأبحاث في مجال المحافظة على الشعاب المرجانية، واقتراح لتبني مؤسسة خالد بن سلطان إنشاء مركز إقليمي لقاعدة بيانات لبيئة البحر الأحمر. وفي تقديري فإن هذه التوصيات تمثل قاعدة جيدة تبنى عليها التوجهات المستقبلية للبحث العلمي في هذه المجالات، كما سيكون لها دور رائد في إدارة المواطن الطبيعية البحرية، ولقد شرفنا الإخوة المشاركون في أعمال الندوة لتبني عدد من المشروعات ذات الأهمية في تنسيق الأبحاث وتوحيد قواعد البيانات وكذلك توحيد الطرق والتقنيات المستخدمة في مراقبة ومتابعة الشعاب المرجانية، وهو أمر بلا شك يسعدنا القيام به في الوقت المناسب، وقد سعدت بتعميم التوصيات العلمية في هذا الصدد على الجهات المهتمة. نتائج الدراسات • ما هي أبرز نتائج الدراسات التي أجرتها مؤسسة خالد بن سلطان في المنطقة السعودية من البحر الأحمر وما أهميتها في حماية البيئة البحرية؟ • قامت المؤسسة وعلى مدى 3 سنوات بإجراء دراسات مكثفة على كل من الجزء الجنوبي وكذلك الشمالي من البحر الأحمر في المملكة، شملت في الجانب الجنوبي أرخبيل فرسان والجزر المشكلة لها، وقد جرى التركيز على حالة الشعاب المرجانية في تلك المنطقة بالإضافة إلى الثروات البحرية فيها، وقد ظهر من خلال البحث العلمي والنتائج المتحصل عليها أهمية حماية هذه المناطق لما تحتويه من ثروات ومواقع أخاذة لجمالها الطبيعي، وقد تمخض عن هذه الدراسات عدد من التوصيات ذات الأهمية في الإدارة البيئية لهذه المناطق، كما توفقنا في إعداد أول فيلم تسجيلي للثروات البحرية وبيئاتها في هذا الجزء الهام من البحر الأحمر، وقد قامت المؤسسة بإجراء بحوث هامة على الجزء الشمالي من البحر الأحمر تعتبر مكملة للأبحاث التي سبق إجراؤها هناك من قبل بعض المؤسسات المحلية بدءا من ضفة الوجه إلى مناطق حقل في أقصى الشمال، وتعتبر هذه البحوث كما سبق ذكره أساسا يمكن أن تبنى عليه الدراسات المستقبلية وخصوصا تلك التي تعتمد عليها إدارة المحافظة على البيئة والثروات الطبيعية. أطلس بحري • أعلنتم عن أول أطلس بحري عن المملكة، ما الذي يتفرد به هذا الأطلس وكيف تم إنتاجه وما هي إمكانيات الاستفادة منه؟ • الأطلس البحري للمواطن الطبيعية في البحر الأحمر يعتبر أول عمل علمي من نوعه يعد عن المملكة، وهو بلا شك إنجاز غير مسبوق قام عليه عدد من الباحثين والعلماء العالميين التابعين لمؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات، ولقد وفرت مؤسسة الأمير خالد بن سلطان الأجهزة والمعدات التي مكنت من استغلال تقنيات الاستشعار عن بعد حيث تعتبر المؤسسة من خلال الأبحاث التي تم إجراؤها رائدة في إدارة علوم البحار التطبيقية وفي إدارة المعارف، وقد تم تطوير أحدث الأدوات والأساليب التكنولوجية لأبحاث علوم المحيطات والاستشعار عن بعد، وكان لجهاز الاستشعار ذي التقنية العالمية العالية CAI دور هام في توفير المادة العلمية للأطلس حيث تم تطبيق واستخدام أساليب وتقنيات تصوير عبر الأقمار الصناعية، وهذا الجهاز المحمول جوا على الطائرة البرمائية «العين الذهبية» يمتاز بأفضلية كبيرة عن استعمال التصوير الجوي والتصوير بواسطة الأقمار الصناعية من حيث سرعة المسح ومدى الوضوح والدقة في خرائط المواطن الطبيعية تحت الماء، ومن المثير للاهتمام أن هذا الجهاز قد مكن الباحثين من التقاط صور تغطي مساحة 92.500 كيلو متر مربع من الشعاب المرجانية موجودة في عدة مواقع تصل إلى 3700 موقع في زمن قياسي لا يزيد عن الساعة، مقارنة مع قضاء 3 أيام لمسح 10 مواقع مماثلة تحت الماء، كل ذلك بالإضافة إلى استخدام أساليب جديدة لرسم خرائط المواطن الطبيعية وكذلك استخدام أنظمة الدعم التقني مكن من إنجاز هذا العمل العلمي الهام خلال 4 سنوات من العمل الحقلي والمكتبي. ولا يفوتني أن أنوه هنا أن هذا الأطلس يضيف ويطور المعلومات السابقة المتوفرة التي قام بها فريق جايكا اليابانية بالتعاون مع الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وفي هذا الصدد يجب التنويه بالجهود والدعم والتعاون الذي تلقته المؤسسة من العديد من المؤسسات المحلية والإقليمية ممثلة في الهيئة السعودية للحياة الفطرية وحرس الحدود وهيئة المساحة الجيولوجية والهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن ووزارة الزراعة ووزارة الدفاع وغيرها. وبناء على ما تقدم فإن الأطلس هو عمل علمي متفرد يسهم فيه الباحثون والعلماء في مجالات البيئة البحرية والمهتمون بمراقبة التغيرات البيئية والمظاهر أو المعالم الجغرافية لهذا الجسم المائي الهام، والمعلومات التي يوفرها هي ذات أهمية خاصة عند وضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة للمحافظة على البيئات البحرية والثروات التي يضمها البحر الأحمر وكذلك عند وضع خطط الإدارة للمحميات البحرية التي ستقام فيه. جمعية البحار • أطلقتم الجمعية السعودية لعلوم البحار، ما هي أبرز مهام هذه الجمعية وأهدافها؟ • أهداف الجمعية السعودية لعلوم البحار هي تنمية الفكر العلمي في مجال علوم البحار بتخصصاته المختلفة، والعمل على تطويره وتنشيطه ونشره وتعزيز الجهود المبذولة لاستكشاف الثروات البحرية الحية وغير الحية، وتوفير المعلومات الضرورية لاستغلالها، والتعامل مع مشاكل البيئة البحرية وما يحدث فيها من أمور كالتلوث وحماية البيئة البحرية، كما تهدف الجمعية إلى بناء أسس الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية وتحقيق مبدأ الشراكة والتكامل بين القطاع العام والمجتمع المدني في حل القضايا المتعلقة بتلوث البحار والاستغلال المستدام لموارده الطبيعية. والجمعية تعمل على تحقيق الأهداف الأساسية لها من خلال سلسلة من النشاطات، حيث يؤمل أن تقوم الجمعية بممارسة النشاطات التالية: تشجيع إجراء الدراسات والبحوث والاستشارات العلمية في مجالات علوم البحار، والثروات المعدنية والبترولية والغازية والاستزراع بصوره المختلفة وما يتصل بها من مجالات أخرى، تأليف وترجمة الكتب العلمية في مجال اهتمام الجمعية وتشجيع النشر باللغة العربية، إجراء الدراسات العلمية لتطوير جوانب الممارسة التطبيقية كتنمية المنطقة الساحلية وإدارتها وطرق استغلالها، عقد الندوات والحلقات الدراسية والدورات التي تتصل بمجالات اهتمامها، إصدار الدراسات والنشرات والدورات العلمية التي تتصل بمجالات اهتمامها، المشاركة في المعارض المحلية والإقليمية والدولية، تبادل المعلومات والخبرات في مجال علوم البحار مع المنظمات والهيئات والجمعيات المحلية والإقليمية ذات الاختصاص، دعوة العلماء والمفكرين ذوي العلاقة للمشاركة في نشاطات الجمعية وذلك وفق الإجراءات المنظمة لذلك، وتنظيم رحلات علمية لأعضائها وإقامة مسابقات علمية في مجال تخصصها.