هي لا تنسى، وهو أمرٌ تصالحت معه منذ لعنة، لكنها باتت لا تغفر، حتى لمن ظنت أنها فعلت ذلك لهم! صارت تنسى الغفران. ii. يحاصرها الغرباء (الذين يظنون خطأ أنهم باتوا من الخاصة) بمحبة لا تستطيع مبادلتها بمحبة، هو مجرد تقدير، ولأنهم لا يعلمون، يحاصرونها أكثر، وتبكي خلف باب ما أكثر. iii. ما تدعو الله لأجله عند زجاج النافذة.. تنساه طي الصلاة.. صارت تسجد السهو بعينٍ على نافذة مبقعة بدمعتين. هي التي اتصلت بالإسعاف لحمل جثمان جدتها، وعادت في الهزيع الأخير من الليل مع عجوز فرنسي، ودخلت مغسلة الموتى مرتين، ونجت من حادثي سيارة، وحلقت شعرها كرتين، وشربت شايا تطفو عليه نملة، وأبكت والديها غير مرة، وغفرت غياب ثلاث أموات دون اثنين، وأحبت مرة واحدة.. لا تضحكها النكات، ولا المسرحيات التي سبق وفعلت، ولا المهرجون الفاقعون، ولا المسلسلات ذات الجمهورِ المدرب مسبقا على الضحك الجهير، وتكذب كل مرة تكتب: «ههههه» أو «لووول»... لا شيء يفعل كالضحكة المعدية، ولا شيء تفتقده مثلها.. تعسُّ أبواب المنزلِ مرتين، وتتعوذ من الضحك العالي، تغمز لأختها في المجلس كي تعدل جلستها وتصر على الضيفة لشرب فنجان لا تبغيه. وحين تجلس وحدها تبكي على أمواتها كما لو ذهبوا توا ويحها! صارت منذ الآن جدتها!. قد أمعنت في الفكرة غير مرة، «نظرت» للأقراص في الثلاجة الصغيرة، و«تفحصت» قنينات الكلور، و«تذكرت» طويلا علبة الأسيتون التي أخبرتها عنها صديقتها في آخر محاولة لها، ثم أرجعت النظر إلى رف عطورها الجديدة، لكنها عادت واستبعدتهم.. قد عز عليها أن تكون شهيدة عطور لم تنتقيها.. هي لا تكذب، لكنها تروي الحكايا كما أرادتها أن تكون.