يتسم المشهد السوري بالكثير من التعقيد، فمجيء الروس للبحر الأبيض المتوسط، ليس فزعة للنظام السوري لمساندته لقمع شعبه، فمبررات الدخول وجدت حينما تلقف الروس وجود اتفاقية عسكرية قديمة مبرمة بين الطرفين من زمن حافظ الأسد، الأمر الذي أوتي على تفعيلها لتكون وسيلة نحو غاية، عزف الروس عليها لحن عنجهية التصدي للقرارات الأممية، في استعراض عضلات القوة الروسية، لتأتي ببوارجها العسكرية من بحر قزوين والبحر الأسود، كفرصة ثمينة لا تعوض في عودتها للشرق الأوسط بعد استحالة الاقتراب من شواطئ المتوسط لسنوات طويلة خلت.. عضت نواجذ الندم وهي ترى بعين الحسرة الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط، دون أن تنبس بكلمة نحو رغبتها ولو في إبرام معاهدة عسكرية بينها وبين أي دولة من الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، فتحركاتها تحت مراقبة دقيقة، من قبل الغرب وأمريكا، فضلا عن تأهب حلف الأطلسي لصد أي تدخل لها، وهو الذي شكل عام 1949م حينما كان الاتحاد السوفييتي يشكل تهديدا للدول الأوروبية. في مجيء روسيا المفاجئ ورسو بوارجها بقاعدة لها في ميناء طرطوس، يعني التموضع مجددا في الشرق الأوسط، وفرض سيطرتها على الكثير من الأمور وفق إملاءات السياسة الروسية، للبحث عن ذاتها كدولة عظمى ستلعب دورا مستقبليا مهما بالنسبة لها في الشرق الأوسط، كدولة عظمى تمتلك حق (الفيتو) من الدول الخمس في الأممالمتحدة، هنا كان أحد أسباب (الفيتو) الروسي الصيني، في تعقيد المشكلة السورية، وشعور الروس بأن هناك رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط فبادرت روسيا بالحضور المبكر قبل اقتسام الغنائم !!. فالموقف الروسي المتصلب خلق حلفا ثنائيا مع إيران، لمنع تركيا من أي تحرك على الأرض مما أسفر عنه صمت تركيا التي كانت متحمسة للثورة السورية وكانت تسعى لعمل مناطق عازلة ومساعدة الجيش الحر، لكسر عظم النظام، فاقتصر الدور التركي على المؤتمرات والتنديد.. في مؤتمر اسطنبول الذي عقد قبل أيام قليلة بشأن المفاعل النووي الإيراني، كان الموقف الروسي متماهيا مع إيران مما جعل الأخيرة أكثر ليونة في سبيل تخليها عن مفاعلها النووي في مقابل تحقق رغبتها المستميتة لديمومة هيمنتها على العراق ولبنان وسوريا، فالصفقة جاهزة للتوقيع للموافقة عليها في المؤتمر الذي سيعقد برعاية هذه الدول تحت مسمى(5+1) في العراق خلال الأيام القادمة.. فمن هذا المنطلق خلقت المشكلة السورية، موطئ قدم للروس. وللصين مستقبلا، في البحر الأبيض المتوسط، حيث شكل مجيء الطرفين أشبه بخلع الضروس للعرب، فأين العرب ؟!، وإن كنت أستثني السعودية التي تحارب على عدة محاور لأجل نصرة الأمة العربية والإسلامية، ولكنها الوحيدة. كان الله في عونها في فقدان عاونها !!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 263 مسافة ثم الرسالة