خرجت بعض الصحف المحلية يوم أمس الأحد مطرزة بصفحات المديح والثناء في تعليقاتها على المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي.. فكانت العناوين (زايدة حبتين)!! إحدى الصحف قالت (نجاح غير مسبوق) وأخرى قالت (أعلى معدلات النجاح).. وثالثة تقول (إبداع ليس بعده إبداع).. وهلم جرا من نوعية هذه العناوين المبهرجة أكثر من اللازم والتي لو قرأتها وزارة التعليم العالي.. نامت بعدها مستريحة لا تتعب ولا تشقى فقد أتت بما لم يأت به الأوائل!! كل العبارات المنشورة بخط عريض في بعض صحفنا المحلية عن مؤتمر التعليم العالي تجعل (ليس في الإمكان أحسن مما كان شعار المرحلة)!! وأربأ بالصحف المحلية أن تجعل دورها الإعلامي محصورا في التطبيل أو أن تكون من المزغردين في موقف.. لا يحتاج إلى هذا الكم من الزغاريد! لست ضد المديح بالطبع ولا أكره قط أن يقال للمحسن أحسنت ولا عندي أي حساسية من وزارة التعليم العالي ويسعدني كثيرا أن تكون أهلا للمديح والثناء.. لكنني ضد التوظيف الإعلامي للمناسبات باعتبارها فرصا لتقديم التهاني والمباركات دون النظر لمهمة الإعلامي الأصلية وهي المشاركة في البناء دون غش ولا استغلال ولاتزوير للعواطف والكلمات.. ولا للمجاملات التي تأتي مبالغا فيها إلى حد التنفير والتشويه وإلى حد إقناع القارئ أن كل ما يتجاوز حده ينقلب ضده! باختصار أن النقد البناء وسيلة الإعلام الناجح ورسالة الكلمة من أجل الوطن والناس.. أما التغطية الإعلامية القائمة على أن كل شيء زين! وأن ما كان لا يوجد أحسن منه.. وأنه نجاح غير مسبوق فمثل هذه العبارات لا تمت للإعلام النقي بصلة.. وهي إما مجاملات متبادلة باسم الإعلام أو علاقات خاصة فيها شبهة الانتفاع والمصلحة! أريد أن أقول.. للإعلام المكتوب فرصة أن يبقى مطلوبا من الناس بعد أن زحفت عليه.. الشبكة الإنترنتية وأصبح الناس يبحثون عن الخبر والتفاصيل والمعلومات التي يطلبونها عبر الإنترنت! لا يزال للإعلام الورقي فرصة يمكنه الاحتفاظ بها بعد أن تم سحب البساط من تحت أقدامه، هذه الفرصة مشروطة بالنزاهة والنقد البناء والبعد عما يثير النفور والاشمئزاز وعدم الاقتناع عند الجماهير فكثرة المديح مثل كثرة الملح تفسد الطعام!! ومن غير المعقول أن كل ما كان في المؤتمر ليس فيه هفوة ولا غلطة ولا استثناء!!.. وبهذه الطريقة الممجوجة في الثناء المفرط لن يكون الإعلام شريكا في البناء ولا هو شريك في إعداد المستقبل المنتظر!