ناقشت الجامعة اللبنانية في بيروت بحثا مهما أنجزه الباحث السعودي عبدالله علي الطعيمي عن ظاهرة الإرهاب قديما وحديثا وجهود المملكة في مواجهته، إضافة إلى الوعي في جهود وزارة الداخلية، واستصدار تشريعات قانونية تحد من هذه الظاهرة الخطيرة وذلك في رسالة دكتوراه أشرف عليها المفكر اللبناني رضوان السيد تحت عنوان «إشكالية العنف في الإسلام المعاصر الإرهاب» والتي قدمت قراءة عميقة لهذه الظاهرة مع مراجعة معاناة العرب والإسلام منها عبر التاريخ والعصر الحاضر تحديدا، كما توسعت الرسالة في بيان جهود المملكة في مكافحة الإرهاب والسبل التي انتهجتها للتصدي لهذا الخطر الكبير عبر البرامج المتعددة التي تستهدف الإصلاح والتغيير؛ حيث انصب الجزء الأخير من هذا العمل على برنامج المناصحة، والذي عنى جهدا فكريا إسلاميا وعمليا لتجفيف منابع الإرهاب ولاقت كافة الخطوات تقدير العالم والوقوف على تجربة الممكلة في هذا الشأن.. وعن قراءة هذه الظاهرة اعتمد الباحث على إيضاح متعمق حول تعريفات مصطلح الإرهاب مشتملا على الرؤية القرآنية للعنف باسم الدين أو في مواجهته، واحتوت القراءة على مقارنات مختلفة شملت الظواهر والممارسات الإرهابية في العالم القديم والوسيط والمعاصر، وما عرفته ديار الإسلام من معاناة عبر الزمن. وتأتي هذه الرسالة من خلال الدراسات الإسلامية، حيث أصلت تأصيلا واسعا لما ورد في القرآن والسنة حيال هذه الإشكالية العالمية، ثم استعرضت آراء الفقهاء في الأعمال الإرهابية، الناجمة عن التكفير، وتلك الناجمة عن الأعمال التي تعرف في الفقه الإسلامي باسم الحرابة، أو عن الآراء السياسية الخاصة والعنيفة والتي تبرر عنفها باسم الإسلام. ولأن الظاهرة العنفية باسم الإسلام صارت شديدة البروز في العقود الأربعة الأخيرة؛ فقد كان هناك تفصيل كبير في الوقائع والتعليل، ليأتي بعد ذلك الحديث عن جهود المملكة في هذا الشأن. وقد توقفت لبعض الوقت عند الإرهاب في العالم قديما وحديثا، رغم أن هذا الاستطراد ما كان من صلب الموضوع، بسبب الجهود الفكرية والثقافية التي بذلت لإثبات أن هناك إرهابا إسلاميا ولا شيء غير ذلك. لقد اشتغلت الأطروحة على أن الإرهاب ظاهرة عالمية، وأن المؤسسات والقوانين الدولية عملت ضد هذه الظاهرة ولمواجهتها قبل أن يظهر أي عمل إرهابي من جانب المسلمين. ثم إنني وبعد إبراز الجهد العالمي في مكافحة الإرهاب، عرضت للتعاون العربي والإسلامي في مكافحته. مستنتجة أن الإرهاب قديم قدم البشرية، وقد بدأ في زمن الإنسان الأول آدم عليه السلام، وأنه يعني وبكل بساطة؛ أخذ، أو اغتصاب الحق من أهله، وبغير وجه حق، عبر القوة، كما أن الإرهاب لم يقتصر على فرد بعينه، أو مجتمع معين، أو شعب ما، أو عرقٍ، أو دين أرضي كان أم سماويا. ومن تلك النتائج أن الدين الإسلامي، وغيره من الأديان السماوية، قد جاءوا بالحنيفية السمحة، وحرموا هذه الظاهرة، وعالجوا أسبابها، وحاربوا أفرادها. موضحة أن الأديان وثنية كانت أم سماوية قد تم استغلالها بشكلٍ سيئ لمصالح شخصية بحتة من قبل من اعتبر نفسه إلها أو ناطقا وحيدا باسم الذات الإلهية كحد أدنى. وفي جانب آخر توصل الباحث إلى أن من يحمل أيديولوجيا الإرهاب، إنما يهدف من وراء ذلك إلى خداع الناس، وإن الظاهرة الإرهابية، لم تقتصر فقط على محكومين، أو أفراد، أو حركات ثورية، أو متمردة، أو عصابات منظمة وغير منظمة، بل قد مارسته الأنظمة الحاكمة أيضا، إن كان ضد من اعتبرتهم مهددين للأمن العام؛ من رعاياها، أو ضد أعدائها، أو ضد من تعتبرهم أعداء محتملين. وقد أفرد لجهود المملكة في مكافحة الإرهاب فصلا كاملا حيث رأى أن السياسة المتبعة من قبل المملكة في مكافحة الإرهاب على الصعد كافة قد آتت ثمارها في تجنيب، ليس المملكة نفسها فحسب، بل منطقة الشرق الاوسط والعالم عموما، خطرا محدقا، حيث انعكست سياستها تلك إيجابا في تجنيبهم إرهابا منظما إعدادا وإخراجا، وعدد تلك السياسة على شقين هما أولهما عبر برنامج المناصحة الذي ابتكرته وأتت نتائجه مشجعة ومثمرة على الصعد المحلية والعربية والدولية، واعتبر الأمير محمد بن نايف قائد هذا المنهج المثمر إضافة إلى الوعي في جهود وزارة الداخلية، واستصدار تشريعات قانونية تحد من هذه الظاهرة الخطيرة وهذا هو الشق الثاني.