النورية التي كان يطلق عليها قديما وادي سرف نسبة إلى وادي سرف الذي يعتبر من أكبر الأودية بالمنطقة ويصب قديما من شرق النورية مرورا بغربها وأطلق على النورية هذا الاسم نسبة إلى استخراج النور من جبالها حيث اشتهرت بأفران النور التي كانت قديما تحرق الصخور بها وتحويلها إلى مواد النور المعروفة اليوم بالاسمنت الأبيض، وتعتبر قبيلة هذيل من لحيان هم من أول من قطن المنطقة. وتعتبر النورية (وادي سرف) ذات عمق تاريخي واستراتيجي كبير حيث تقع على امتداد طريق الهجرة الذي ما تعاقبت عليه على امتداد العصور والتاريخ محط قوافل الزوار والحجيج حيث شهد فتح مكة مر الظهران في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت تشكل وادي سرف امتداد لطلائع المسلمين. ويعتبر قبر أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية زوج النبي صلى الله عليه وسلم من أبرز الشواهد على عمق تاريخ هذه المنطقة حيث كانت رضي الله عنها عند مسعود بن عمرو الثقفي ففارقها. فتزوجها أبو رهم ابن عبد العزى فمات عنها. وكانت قد جعلت أمرها إلى أختها لبابه زوج العباس ابن عبد المطلب وهو الذي زوجها الرسول صلى الله عليه وسلم وكان ذلك بمكة أثناء عمرة القضاء. فخرج صلى الله عليه وسلم إلى وادي سرف (النورية) فأقام ودخل بزوجته السنة السابعة للهجرة ومن المفارقات التاريخية أنها رضي الله عنها ماتت في نفس المكان ودفنت به بعد رجوعها من الحج سنة 51 وقيل 49. وتعتبر النورية اليوم من أبرز الأحياء حيث تشكل بوابة مكة الشمالية حيث تحتضن ضيوف بيت الله كونها المحطة الأولى لوصولهم لحدود مكةالمكرمة حيث تبعد من مسجد السيدة عائشة رضي الله عنها (الميقات) سبعة كم وعن الحرم الشريف 14 كم وشهد حي النورية قفزات حضارية أسوة بأحياء مكة الأخرى حيث شيدت مبانيها على أحدث الطراز العمراني ويطلق عليها البعض (العمرة الجديدة) ومن أبرز معالمها الحديثة سوق الهجرة التجاري الذي يحمل شكلا هندسيا هرميا بديعا. وعلى مستوى المرافق الحكومية تحدث لنا عمدة حي النورية الغربية الأستاذ محمد اللحياني قائلا تتبلور النورية بأرقى الخدمات التعليمية والصحية وعن آخر المشاريع المدشنة في المنطقة: حديقة النورية التي تم تدشينها على يد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ومركز تدريب الدفاع المدني الذي يعتبر من أحدث المراكز للدفاع المدني في مكةالمكرمة. ومن أعيان المنطقة عمدة حي النورية سابقا وإمام مسجد العمرو الأستاذ حميد المغامسي حيث تحدث عن العمق التاريخي والاستراتيجي للمنطقة وماشهدته اليوم من قفزات حضارية حيث يعتبر حي النورية لبنة جمالية بأحياء مكة بما يشهده من هدوء وإنسيابية حركة وطراز عمراني حديث. كما تحدث لنا أحد كبار السن الشيخ عبدالله عبدالعاطي اللحياني الذي أردف حديثه بأن منطقة وادي سرف. النورية كانت واحة خضراء من المزارع قديما تشتهر بوفرة مائها حيث تعتمد على مخزونه من وادي سرف الذي يمر بها.