يمثل صدور القرارات الرئاسية الأخيرة منعطفا في مسار المرحلة الانتقالية، كونها جاءت لإعادة النظر في الجانب العسكري محل الخلاف والتوتر الأكبر، وبدأت في إزاحة بعض الشخصيات من مواقعها وإحلالها في أماكن أخرى، فيما يشبه لعبة الشطرنج المعروفة في تحريك للراكد والاعتيادي في مثل هذه الحالات. والأهم في هذا قدرة الرئيس هادي على اتخاذ قرارات جوهرية وشجاعة مستمدا قوته وقوتها من الإجماع الوطني والإقليمي والدولي على شخصيته وعلى خصوصية المرحلة السياسية في بلادنا التي ينبغي أن تتجاوز آلية تغيير الوجوه إلى تغيير المرجعيات المتخلفة أسريا وقبليا ومناطقيا. إضافة إلى أن هذه القرارات أتت في وقت تحتاج فيه اليمن إلى التهيئة الفعلية والملموسة لقضية الحوار الوطني الذي يشكل فاتحة تسامح بين اليمنيين بمختلف أطيافهم السياسية والاجتماعية وتجاوز حضاري لمرحلة الاحتقانات والمناكفات الشخصية والحزبية بين أطراف العمل السياسي. ولعل القضية الأساسية الأهم في الشارع اليمني هي القدرة على نزع فتيل الانفجار العسكري وإلى الأبد من جهة، ومن جهة أخرى بناء دولة مدنية قوية قادرة على بسط نفوذها على مختلف الجغرافيا اليمنية، وتأمين الخدمات الوطنية من أيادي العبث والاستهتار المتمثلة في بعض الأطراف القبلية التي تعيش خارج النظام والقانون. إن ما تشهده اليمن من مخاضات هو الطريق الصعب نحو تفكيك كل عوامل الانفجار، وإحياء روح التوافق والتسامح السياسي في فرصة تاريخية لا بد أن تعطى للرئيس هادي لإصلاح ما خربه الدهر دون هيمنة لأي طرف سياسي وعسكري وقبلي وإنما الانتصار وحده قضية الدولة التي ينبغي العمل على تمكينها من تحقيق وجودها العادل والمسؤول .. نتجاوز بها جميعا هشاشة الوضع القائم على مختلف المستويات .