لا شيء بإمكانه أن يضبط إيقاع الصراع في اليمن بطريقة عبقرية تنجز التغيير، ويجعل من المبادرة الخليجية منجزا بشريا تحيطه العناية الإلهية سوى الثقة بين الأطراف المتنازعة ومراهنتهم على اليمن كبلد طال عذابه ويريد أن يحيا بسلام، كثيرا ما أفكر بالأغلبية الفقيرة الضعيفة التي تحولت إلى ضحية لصراع الوحوش، الكل مع اليمن إلا أبناءه الطغاة. لنحسبها بواقعية أي القرارات يحتاجها الرئيس هادي الآن لينتج لنا سيمفونية هادئة باتجاه المستقبل، تخيلوا قرارا رزينا يحيل اللواء علي محسن إلى التقاعد، حسب تصوري سيكون محسن المستفيد الأول من هذا القرار، حركة شطرنجية مثل هذه مسنودة بقرارات داعمة في الأجهزة الأمنية وبتوافق الأطراف الفاعلة سيجعل اللعبة السياسية تتحرك بتلقائية، وتدير نفسها باتجاهات إنجاز التغيير الذي يريده كل يمني. على الجنرال علي محسن أن لا يضع أي شروط لتأمين نفسه، فخروجه سيحوله إلى رمز وطني وناشط فاعل في المجتمع، وسيكون تأثيره في كل الاتجاهات، ربما يتمكن محسن من إدارة لعبته بحذق ويتحول إلى مجال لإنتاج التسامح والسلام وطاقة فاعلة في صياغة المستقبل، علي محسن بحاجة إلى فتح أفق الالتحام بمحيطه الحيوي الذي غادره، دون أن يترك مغامراته التي جعلته ثوريا مخلصا لعقائده التي احتوته، ربما إن تمكن من تفجير حساباته أن يكون قنطرة لإنجاح التوافق، الأمر بحاجة إلى المراهنة على التاريخ وحاجة اليمن إلى تضحيات ستجعله الرابح الأكبر. إعادة صياغة التحولات في الفترة الانتقالية وما بعدها بحاجة أن يخرج الجميع من الصندوق المغلق الذي تحكم باليمن ومازال، لنفكر بطريقة مغايرة ونراهن على الواقع كما هو لا بهدف تثبيته، بل بطموح تجاوزه، وهذا لن يحدث ما لم نفكك عقل الماضي الذي ينتجه الصندوق الذي حكم عقل النظام السابق، بإمكاننا أن نصنع تاريخا عبقريا دون أن يخسر أحد، وبإمكاننا أن نحقق أحلام الكل نخبة وشعبا، إنها تحولات قد يملؤها الارتباك والاضطرابات، وسيكون ألم المخاض عسيرا على الكل دولة ومجتمعا، والمطلوب أن نتحمل تناقضاتنا ونعيد بناءها بما يفكك الخلاف بثقة من يتجه إلى المستقبل، ويراهن على بناء الدولة فهي الخيار والحل الحاسم. وفي الختام أسأل: هل بإمكان محسن أن يتحول إلى صانع تاريخ يحميه الكل، ويكون حلقة وصل مساهمة في تفكيك بنية الصراع الراهن حتى نتمكن من الخروج من مآزقنا القاتلة؟