ها هي تعود مرة أخرى.. نعني بها فرصة ذهبية جديدة للأهلي أو القلعة الراقية كما يصبو محبوه الكثر، فرصة كبرى لكي يروض الأخضر بطولة الدوري التي استعصت عليه لسنين طويلة جاوزت ال 29 عاما.. نقول إنها عاندت الأهلي أو استعصت عليه لسنوات لأسباب ذاتية.. ولكنها لم تكن كذلك حتما ويقينا في سنوات بعينها كسنوات 1412، و 1416، و 1418، و1423ه، ففي تلك السنوات على وجه التحديد والخصوصية كان الأهلي أهلا ومستحقا للبطولة وقريبا جدا منها.. بل كان في بعضها أقرب إلى البطولة العتيدة مما هو اليوم. لسنا مع الذين ينوحون على ماض قد ولى بعيدا.. ولكنا نستحضر هذه «الذكرى» و بعض «الذكريات» المؤلمة، وأخر مفرحة لنقول لأبناء الأهلي اليوم على المستطيل الأخضر في استاد الأمير عبدالله الفيصل بجدة بأن هذه الفرصة التي هي بين أيدهم ورهن تحركات وفاعلية رؤوسهم وأرجلهم هي فرصة لن تتكرر بسهولة في قادم الأيام.. ونعلم يقينا كذلك أن القائمين على إدارة الكرة في النادي الأهلي ومدرب الأهلي القدير السيد جاروليم يدركون ذلك تماما.. ولكن الانفعال وعدم التركيز ورياحهما العاتية قد تودي بآمال جماهير الأهلي الرائعة الغفيرة أدراج الرياح، خاصة أن الأهلي يلعب بفرصة واحدة أمام فريق شبابي قوي ومنظم يلعب بفرصتين. فهل يفعلها رفاق تيسير الجاسم ومحمد مسعد وكماتشو وفكتور؟ ويسطرون بمداد من ذهب أسماءهم بجوار أسماء الكبار من فرق الرعب الأهلاوية التاريخيين، تلك الفرق الذهبية التي حققت دوري 1389، و1398، و1404ه، أم أن لأبناء الليث الشبابي الذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير رأي آخر. لسنا من الذين يهتمون كثيرا بالاستفزازات أو المزايدات الإعلامية والكلامية، ولسنا ممن يرغب في دخول جدل سفسطائي عقيم، هو بالتأكيد قياس مركب من الوهميات، مع هذا وذاك ممن احترفوا «مهنة الكلام» في «الفاضية والمليانة».. نقول فقط إن هذه مباراة كرة قدم تاريخية اليوم بين الشباب والأهلي، وإنها مباراة تعني الكثير بالنسبة لجموع هائلة من الأهلاويين المنتظرين على أحر من الجمر لتتويج أخضرهم العزيز ببطولة طالما حرموا منها!! أو أفلتت من أيديهم طوعا أو كرها!! لكي يفوز الأهلي وهذا قدره أو اقتداره الوحيد الفريد كما كان عام 1423ه يوم «المأساة الرياضية» التي كان بطلها حكم معروف عفا الله عنه نقول إن على الأهلي ومدربه إن رغبا في الفوز أن يحكموا السيطرة على منطقة الوسط، وألا يتقدم الظهيران الأهلاويان كثيرا، وأن ينظف قلب الدفاع والمحاور المنطقة المواجهة للمرمى أولا بأول بدون أي فلسفات أو محاولات إظهار مهارات أو قدرات فردية، لأن المباراة قد تنتهي بهدف وفرصة واحدة يستغلها هذا الطرف أو ذلك، فالكفتان تبدوان متكافئتين إلى حد كبير. على لاعبي الأهلي الهدوء.. والتركيز الشديد.. والابتعاد عن الانفعالات والنرفزة، فهم يواجهون فريقا كبيرا ومنظما، ومدربا قديرا هو السيد برودوم الذي يظل رغم انفعالاته واحدا من أبرز إن يكن أبرز مدربي الموسم مع جاروليم مدرب الأهلي. استخدام الأوراق البديلة على البنش، والاستحواذ على وسط الملعب، واستغلال الفرص، والحد من الأخطاء الدفاعية، وفعالية وعدالة التحكيم ستكون عوامل أساسية فاعلة في حسم لقاء الموسم التاريخي بامتياز. ترى هل يفعلها الأهلي العريق .. بقيادة تيسير الجاسم وزملائه أم يستحوذ عليها الشباب العنيد بقيادة ناصر الشمراني ورفاقه؟ سؤال طويل عريض سنسمع إجابته المدوية الصاخبة مساء اليوم مع صافرة النهاية التي يطلقها حكم اللقاء الإيطالي بالو فاليري المشهور بالصرامة والبطاقات ذات الألوان عبر امتداد ساحة استاد الأمير عبد الله الفيصل. هل ستكون ليلة سعد الجماهير الأهلاوية الجامحة أم تنجح خطوات الشباب الذي لم يذق طعم الهزيمة في دوري زين حتى الآن؟ توقعاتنا أن يلعب الأهلي بتشكيل 1-4-5-1 و أن يلعب الشباب بنفس التشكيل تقريبا، وهذا هو الشكل الخططي الذي يبدو على الورق، ولكنه متغير بالفعل كثيرا على أرضية الميدان وانطلاق العمليات التكتيكية. ونرجح أن هناك وظائف فردية وجماعية سيكلف بها أفراد وخطوط كلا الفريقين حسب الرؤية الفنية لكل مدرب، كما أن تطبيق هذه المهام الوظيفية الجماعية والفردية والثنائية يمكن أن يختلف في الشكل والمضمون والتنفيذ تبعا للاستعدادات الفنية والنفسية والتفاعلية لكل لاعب. ولا شك أن الضغوطات الجماهيرية، والشحن النفسي سلبا وإيجابا ستكون أحد أهم العوامل الحاسمة في هذا اللقاء الكبير. مباراة اليوم هي مباراة تكتيكية بامتياز، وستعكس فكر وقدرات المدربين الكبيرين، ومدى ثقة كل منهما في لاعبيه، وستبين كذلك مدى استيعاب لاعبي كل فريق لخطة وتكليفات مدربهم ورؤيته الفنية التفصيلة والشاملة لمجريات اللقاء. إلى لقاء كروي جميل بعيدا عن كل المنغصات الجانبية المعتادة.