تخيل معي أيها القارىء أننا نملك القدرة على قراءة أفكار الآخر دون حواجز، وبأن أفكارنا متراصة، تجمعها سحب عملاقة تحلق فوق رؤوسنا كما يحدث في الرسوم المتحركة!، اعلم.. قد يروق لك الأمر، وقد يرعبك مجرد التفكير فيه! كان هذا تساؤلا مؤرقا أقلعت عنه حين شاهدت فيلما أجنبيا بعنوان «ما تريده المرأة» قبل أيام يعالج الفكرة بطريقة خيالية ساخرة وبنكهة رومانسية، لكني في المقابل انشغلت بتساؤل آخر سأخبرك به بعد أن أقص عليك القصة. «ريان» صحافي موهوب يملك أسلوبا أدبيا رشيقا. كان يحلم بأن يصبح كاتب عامود صحافي، لذا داوم على مراسلة صفحات القراء في معظم الصحف المعروفة، وحين تخرج من كلية الإعلام متخصصا في الصحافة، ظن بأن التحاقه بصحيفة شهيرة وامتلاكه لتلك الموهبة كفيل بتحقيق ذلك الحلم. وبعد أن تقدم للعمل لدى أكثر من مطبوعة وانتظر لعام كامل، حالفه الحظ وتلقى اتصالا لتحديد موعد المقابلة الشخصية مع الكاتب الشهير رئيس تحرير المطبوعة. وجاء اليوم الموعود وتأنق «ريان» والتقط ملفه الأزرق الذي جمع فيه كل ما نشر له من مقالات وقصص وانطلق منتشيا لإجراء المقابلة التي أسفرت عن قبوله كمتدرب لعدة أشهر. ورغم سعادته اللامحدودة إلا أنه أخفى حزنه حين تلقى ردا قاسيا على سؤاله عن مدى استحقاقه للكتابة في عامود صحافي فكان الجواب «من أنت كي تكتب؟، الكتابة امتياز ياسيدي!، اصنع اسما ثم فكر في الكتابة!. لكني سأفكر في الأمر، اترك لي هذا الملف لأطلع عليه وأقيم قدراتك». وبعد أن أتم شهره الثالث وتم تثبيته، وأصبح قارئا دقيقا لما ينشر في الصحيفة لاحظ أمرا غريبا! فعلى الرغم من أن رئيس التحرير لا يسمح بالاطلاع على مقالاته قبل نشرها، إلا أن كل ما نشر له مؤخرا لم يكن يحمل أفكارا جديدة بالنسبة لريان، فقد شعر بأنه قرأها من قبل.. أو ربما كتبها!. إلى هنا تنتهي القصة.. أخيرا أقول: قد تحمل لنا الأعوام القادمة اختراعا لقراءة الأفكار، لكني لم أفهم حتى الآن ما سر ارتباط السحب بالأفكار في الرسوم المتحركة؟، إن كنت تعرف، فلا تبخل علي. [email protected]