حول الفنان التشكيلي عبدالله إدريس في أكثر من 40 عملا فنيا الذاكرة المكانية إلى ذاكرة زمانية في معرضه (أحافير) الذي أطلقه المهندس لؤي حكيم في أتيليه جدة للفنون الجميلة. المعرض شهد حضورا لافتا من محبي ومتذوقي الفنون البصرية من كافة أنحاء المملكة لما يحمله الفنان من علاقات وثيقة تربطه بأقرانه من فنانين وفنانات. قدم إدريس مجموعة أعمال أحفورية جسدت تلك الذكريات التراثية بقراءة للمكان تؤدي الى اكتشاف حقيقة التفاعل بين التراث والبيئة لنتاج الانسان خلال الازمنة والامكنة. ولعل إدريس نهج نهجا مغايرا لأسلوبه السابق، الا انه احتفظ بتمسكه بالابداع والتميز وتقديم شيء مختلف يسجل في مسيرته التشكيلية التي امتدت نحو 40 عاما، تحمل في طياتها كثير من المنعطفات التشكيلية التي بالطبع أثرت ايجابيا في المشهد التشكيلي السعودي، وميل الفنان للنقد أسهم بشكل كبير في ان يخرج اعماله بشكل متزن يبعد عن المبالغة سواء في طرح اللون او حتى تعامله مع العنصر، فعمد الى التوازن ليرضي المتلقي بشكل ايجابي، وحتما عبدالله ادريس يعد أحد الفنانين الذين لا يمكن ان تتنبأ بما يقدم من اعمال مغايرة في الطرح وفي الفكر وحتى في التكنيك الذي اشتهر به الفنان، تارة تجد في اعمال الفنان تفاعلا لونيا الا انك تجد في لوحات اخرى ترميزا عنصريا يدلل على قدرته الفائقة على استيعاب كافة اشكال الممارسات التشكيلية التي تقود الى الابداع. عبدالله ادريس لن نحتاج لسرد سيرته الذاتية كما اعتدنا في نهاية قراءتنا للمعارض الفنية، لعدة اعتبارات، ربما ان ذكر اسمه كاف لسرد سيرة مليئة بالابداع والتميز في تقديم فن مختلف بعيد عن التقليديه وبعيد عن النقل، فمعارضه السابقة لم تكن امتدادا طبيعيا لتجاربه، بل تجده يتنقل بين معرض لآخر بفكر جديد وثقافة متغيرة وتأليف جديد بين اللون والعنصر، في فضاءات واسعة ليسيطر بمشروعه الفكري على اللوحة.