زيارة بشار الأسد إلى حي بابا عمرو، المدمر والمشرد أهله، ذكرت بالخروج المدوي والصارخ الدرامي التمثيلي للعقيد الليبي معمر القذافي من حصن باب العزيزية، وتجواله في استعراض علني في شوارع العاصمة طرابلس، وذلك قبيل سقوطه المريع واندحاره منها. هذه «العراضة» المتماثلة المتشابهة، تفتقد أدنى مقومات الإثارة المطلوبة، في بلد صار فيه رئيسه غريبا متحدثا كرئيس لوكالة غوث للاجئين، حضر مشهد الخراب، وأراد التخفيف من آلام المنكوبين فيه!!.الرئيس الأسد بات اليوم خارج الخدمة، على مستوى الوعي وإدراك ما يحيط به، فلا هو صاحب القرار في البقاء، ولا هو بقادر على إقناع شعبه بالعودة إلى المنازل والخنوع مجددا للعبة الموت والرعب، محاطا كما في مشهد زيارته بجنرالات الفساد والمال والطائفية، المستعدين دوما للفرار والتخلي عنه، تماما كما فعل المحيطون بالقذافي، فانتهى به الأمر الى ما وصل إليه. المشكلة السياسية الكبيرة في سورية، أن قيادتها «المفترضة» لا تريد الاعتراف والإقرار بالهزيمة، وأن معارضتها لا تعرف كيف تنتصر!، وحده الشعب وفقط الشعب هو الحقيقة الواضحة والعارف لما يريد؛ يريد إسقاط البطش والإتيان بالحرية، يريد الحياة بكرامة، ولا يريد الذلة ولا الاستضعاف أو نهب خيراته وثرواته، باسم «الممانعة» و «المقاومة» و «العروبة» وغيرها مما أسيء إلى معانيه وقيمه من هؤلاء الكذابين. بالأمس نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن نتانياهو، سعيه لإقناع الغرب بعدم التخلي عن الأسد، وتفضيله بقاءه في السلطة، فيما يطالب الشعب السوري العرب والمسلمين وكل شعوب الأرض، الانتصار لإرادته وطموحاته في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم وتخليه عن الأسد وزمرته. فهنيئا للأسد بحليفه «وعرابه» والمجد والخلود والانتصار لشهداء الثورة. و علينا الإدراك أن الغرب لا يقدم المساعدة على طبق من ذهب إنما عبر صفقات ورزمة مصالح قد تكون مبررة في بعض الأحيان، لكن ليس من الحكمة إيداع جهودنا وتضحياتنا لمن أعطى الأسد لأكثر من عام فرصة تلتها أخرى ليسحق شعبه. الاعتراف بإنجازات الثورة السورية هو قدر التاريخ ولن نجد لسنة الله تبديلا.