بعد الفشل الذريع الذي منيت به أندية زين في فترة الانتقالات الأولى بداية هذا الموسم وما تكبدته من خسائر مالية فادحة على صفقات كروية فاشلة نتج عنها خزائن خاوية، وبعد تعالي الأصوات المطالبة بإبعاد السيئ من المحترفين الأجانب من أولئك الذين سودت الصحافة الرياضية صفحاتها قبيل مجيئهم بفنون إبداعاتهم، جاعلة منهم أساطير كروية بينما كانوا في حقيقة الأمر(عالة) على الكرة السعودية، واستبدالهم بمن هم أفضل منهم، لم يجد مسؤولو الأندية بدا من فك الارتباط بعدد كبير من الأسماء الأجنبية المحترفة والاكتفاء بتدوير اللاعبين المحليين، وبالفعل كان لهم ذلك حين تم تدوير 34 لاعبا، منهم 32 محليا، ومحترفين أجنبيين اثنين، هما ويندل الذي جيره الاتحاد لحساب الشباب، وبوقاش الذي فرط فيه القدساويون لصالح النصراويين. الفريق الأهلاوي كان له من عملية التدوير تلك نصيب الأسد حين دفع 27 مليون ريال في ثلاث صفقات محلية، حيث ولدت أولى الصفقات الأهلاوية المحلية بجلب لاعب فريق الفيصلي المدافع عقيل بلغيث في صفقة تجاوزت أرقامها المالية السبعة ملايين ريال، أعقبها الأهلاويون بصفقتين متتاليتين تتمثلان في استقطاب لاعب الأنصار محسن عيسى ولاعب هجر حيدر العامر لمدة خمس سنين بمبلغ مقارب لصفقة بلغيث الذي كان قد انتقل من فريق الربيع إلى الفيصلي موسم 2007 مقابل 300 ألف ريال فقط لاغير..! في المقابل استغنى الأهلاويون عن خدمات مدافع الفريق إبراهيم هزازي الذي انتقل للاتحاد عقب مشاكل عدة للاعب مع ناديه السابق، مع إعارة اللاعب محمود معاذ إلى فريق الفيصلي، بينما لم يجر الفريق أي تعديلات على خارطة لاعبيه الأجانب إلى جانب حصان البطولة الأسود فريق الفتح، في الوقت الذي استبدلت فيه فرق النصر والاتحاد والأنصار كامل المحترفين الأجانب، فيما نشطت الإدارة القدساوية كثيرا في فترة التسجيل الشتوية ليأتي الفريق كأكثر الفرق استعانة بالأسماء المحلية بواقع خمسة لاعبين، ثلاثة منهم من النصر، هم عبدالله القرني وأحمد الجيزاني وريان بلال، والأخير مقابل 400 ألف ريال حتى نهاية الموسم، ومن فريق الاتحاد المدافع محمد سالم، ومن فريق الجيل اللاعب عبدالرحيم الخميس، لتبلغ التكاليف المالية للصفقات القدساوية الشتوية قرابة مليوني ريال. مقالب النصر أما الإدارة النصراوية فقد عاشت أجواء من الصفقات المحلية المتلاحقة والتي هدفت من خلالها إلى تحقيق طموحات جماهير النادي المحتقنة بعد سلسلة الهزائم المدوية التي كان يمنى بها الفريق آنذاك، حيث جلبت الإدارة اللاعب خالد عزيز الذي لم تنفك مشاكله مع نادييه السابقين الهلال فالشباب مقابل ما يزيد عن مليوني ريال لنادي الشباب ومرتب شهري للاعب قدره 80 ألف ريال، كذلك المهاجم عبدالعزيز السعران مقابل أربعة ملايين ريال نصفها لخزينة نادي الشباب، إضافة للاعب نجران طلال عسيري، ومن ثم جلب المهاجم الجزائري الحاج بوقاش القادم من القادسية مقابل مليوني ريال لمدة عام ونصف العام، بينما أعارت في المقابل ريان بلال للقادسية حتى نهاية الموسم الحالي، ليصل الإنفاق النصراوي على صفقاته تلك إلى ما يقرب من 12 مليونا، فيما استغنت عن عبدالله القرني، في الوقت الذي انتقل فيه سعد الحارثي للهلال في صفقة كانت (الأبرز) إعلاميا، «الفاشلة» فنيا، بل وتذكرنا بتعاقد النصر مع فهد الغشيان وخطفه من الهلال لتأتي نهايته غير لائقة بتاريخه الرياضي، وخطف منصور البلوي الرئيس الأسبق للاتحاد موهبة خالد مسعد وخالد قهوجي من الأهلي، حيث لم يستفد اللاعبان من هاتين الصفقتين، بل جاء اعتزال الأول بعدها مباشرة، وتسجيل الثاني نفسه في نادي الربيع في جدة الذي يلعب ضمن دوري الدرجة الثانية، ليعيد الأهلاويون المشهد مرة أخرى ويتعاقدون مع محمد الخليوي الذي لم يستفيدوا منه البتة، وكل هذه السيناريوهات أكدت وبما لا يدع مجالا للشك بأن صفقات مثل هذه إدارية وليست فنية ما يعني أنها «مضروبة»..! تغيير جزئي إدارة نادي الشباب بدورها فكت ارتباطها بالدوليين السابقين عبده عطيف وخالد عزيز، بالإضافة إلى سند شراحيلي وعبدالعزيز السعران وفيصل السلطان، ليكون الشباب بذلك أكثر فريق يستغنى عن لاعبين محللين خلال هذه الفترة «خمسة لاعبين»، بينما اكتفى بمحترف أجنبي وحيد من خلال التعاقد مع المحترف البرازيلي جيرالد ويندل القادم من فريق الاتحاد بمبلغ 15 مليون ريال تقريبا. أما الفريق الاتفاقي فكان من أكثر فرق دوري زين تحركا وتدعيما لصفوفه بلاعبين محليين، فلاعب فريق الشباب سند شراحيلي حط رحاله في أحضانه مقابل 1،3 مليون ريال، ومن ثم كان اللاعب صالح الصقري 150 ألف ريال حتى نهاية الموسم، والذي استغرب البعض جلبه كونه يلعب ظهيرا أيسر في ظل وجود اللاعب الشاب أحمد عكاش الذي يقدم مستويات متصاعدة مع فريقه، إضافة إلى المحترف العماني حسن مظفر، وهي بذلك صفقة قد تشكل ضربة موجعة للاعب شاب مثل عكاش، ولم تتوقف إدارة الفريق عند ذلك الحد، بل وقعت عقدا مع لاعب فريق الأنصار وليد محجوب مقابل مليون و200 ألف ريال لثلاث سنوات قادمة، إضافة للاعب هجر مصطفى الحلو بعد دخوله فترة الأشهر الستة، ليصل بذلك مجمل المبالغ المالية للصفقات الاتفاقية المحلية خلال الفترة الشتوية 3،3 مليون ريال. الاتحاد كبيرهم عميد الأندية السعودية فريق الاتحاد الذي يعيش فترة انتقالية على حد وصف محبيه أبرمت إدارته ثماني صفقات محلية، بدأتها باستقطاب النجم الدولي السابق عبده عطيف مقابل ثلاثة ملايين ريال (صفقة ناجحة ورقيا، غامضة فنيا)، اتبعته بمدافع فريق الأهلي إبراهيم هزازي مقابل 600 ألف ريال بعد مشاكل عصية مع فريقه السابق، وقعت بعد ذلك عقدا احترافيا مع لاعب فريق الاتفاق سلمان الحريري، ومن ثم ضمت خدمات مهاجم الفتح أحمد بو عبيد. الذي قدم مستويات مميزة مع فريقه السابق، وكان تحت أنظار عدد من الأندية السعودية والخليجية وذلك لنهاية الموسم مقابل أربعة ملايين ريال، غير أن الفريق استغنى عن جميع لاعبيه الأربعة الأجانب على فترات متقاربة في هذه الأثناء، فيما استغنت إدارته عن الثنائي المحلي صالح الصقري لصالح الاتفاق، ومناف أبوشقير الذي اتجه للتحليل الفني، بعد أن تلقيا اتصالين هاتفيين عند الواحدة والنصف ذات ليل، القريبون من النادي قدروا المبالغ الإجمالية للصفقات الاتحادية ب27 مليون ريال. أما الحصان الأسود فريق الفتح فقد خطف مهاجم غريمه التقليدي هجر عبد العزيز أبو شقراء بعد أن استغنى عن خدمات أحمد بو عبيد بنظام الإعارة إلى نهاية الموسم لفريق الاتحاد مقابل أربعة ملايين ريال. تقلبات سريعة بينما جاءت تحركات نادي الفيصلي بشكل مبكر حين استعانت وعلى بند الإعارة بخدمات لاعب فريق الرائد موسى الشمري، ومهاجم فريق الاعتماد فايز بخيت، بمبلغ إجمالي قدر بمليون ونصف المليون ريال. بدوره قام فريق هجر بالاستعانة بخدمات اللاعب وليد الرجاء قادما من التعاون وقبله من فريق الاتفاق، إضافة لحارس مرمى فريق الاتحاد والأنصار سابقا مصطفى ملائكة. وعلى الصعيد المحلي، جلبت إدارة المهندس محمد السراح رئيس نادي التعاون كلا من الدولي السابق فيصل السلطان من الشباب، ولاعب الأهلي علاء ريشاني، إضافة إلى التوقيع مع مهاجم أبها علي العلياني لمدة ثلاث سنوات. لنصل إلى متذيل فرق دوري زين الأنصار الذي سارعت إدارته مبكرا بإلغاء عقد المحترفين الأجانب الأربعة لتستفيد من عوائد بيع عقدي اللاعبين المحليين محسن عيسى للأهلي ووليد محجوب للاتفاق حيث حصلت على ما يربو على 3،5 مليون ريال. تدوير بلا معنى وبقراءة سريعة يتبين لنا أن عملية التدوير ومع أنها من سمات الاحتراف إلا أن تكثيفها أفرز وسيفرز لاعبين سيتنقلون في أكثر من فريق وفي مدد وجيزة ما سيكون له أثره على اللاعب والنادي نتيجة عدم الاستقرار كلاعب الأهلي السابق وليد الجيزاني الذي يدين ببروز موهبته للأهلي الذي أعاره عام 2007 للشباب، ثم عاد للأهلي وجدد عقده معه مدة أربعة أعوام، انتقل بعد ذلك للحزم، عاد بعده للشباب عام 2010، فالهلال في نفس العام، ثم الرائد الذي انتقل إليه عام 2011 وما زال يلعب له، كذلك اللاعب مازن الفرج الذي تم تدويره بين أندية الهلال فالطائي ثم الهلال بعده أعير لنادي الحزم ليعود للهلال من جديد ومنه يتنقل بين نجران وأبها والرائد الذي عاد منه للهلال ثم الشعلة، الأمر الذي يشرع أمامنا أبواب الأسئلة لعل في مقدمتها: هل عقمت الأندية عن إنجاب الموهوبين؟ إن استقرار اللاعبين مع توافر الاستقرار الفني والإداري للأندية كل أولئك كفيل بصناعة مواهب فذة تخدم الكرة السعودية أعواما عديدة وأزمنة مديدة.