الاحتفال باليوم العالمي للمرأة (8 مارس) جاء في ظروف متغيرة لغالبية مجتمعات وشعوب العالم، وفي مقدمتها المجتمعات والشعوب العربية التي تمر بمرحلة انتقالية معقدة من جراء التأثيرات والتداعيات والنتائج المباشرة وغير المباشرة لما بات يعرف بالربيع العربي، وعلى أرضية استمرار وتفاقم الأزمة المركبة / المستعصية وبتجلياتها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، والأمنية التي يعاني منها العالم العربي. اللافت هو الحضور والمشاركة القوية للمرأة في التحركات والانتفاضات والاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المجتمعات العربية على امتداد العام المنصرم، وبما في ذلك المجتمعات التي توسم بالتقليدية والمحافظة، وقد جاء نيل المناضلة الحقوقية اليمنية البارزة توكل كرمان لجائزة نوبل العالمية للسلام تثمينا للدور الطليعي المهم والمتزايد للمرأة العربية في مناشط العمل والسياسة والمجتمع والثقافة. الجدير بالذكر بأن كرمان تعد إحدى أبرز النساء المدافعات عن الحريات العامة، وحرية الصحافة، وحقوق الإنسان في اليمن كما شاركت في قيادة العديد من الاعتصامات والتظاهرات والمسيرات السلمية في الساحات والشوارع للمطالبة بإسقاط الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.. توكل كرمان هي في الوقت نفسه عضو في حزب التجمع اليمني للإصلاح (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) المحافظ، كما يشغل والدها عبد السلام منصب عضو مجلس شورى الحزب. هذه الصورة المشرقة للمرأة العربية تؤكد العلاقة العضوية / الجدلية لتحرر المرأة والمجتمع في الآن معا، وأنه لا يمكن لأي مجتمع أن يتحرر ونصفه وراء الجدران، ومقياس تقدم وتحرر المجتمع يرتبط في المقام الأول بمدى تقدم وتحرر المرأة فيه. في المقابل، علينا الوقوف لحال من الرهاب والخواف ( الفوبيا ) من المرأة لدى بعض المكونات الدينية والاجتماعية وقيمها المتزمتة أو المحافظة. الدكتور مصطفى حجازي في كتابه المهم (التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكيولوجية الإنسان المقهور ) شخص الرهاب أو الخواف أو الذعار، «باعتباره خوفا مرضيا من أشياء أو كائنات أو أماكن أو وضعيات لا يفترض أن تثير الخوف عند الإنسان الراشد العادي، يصاب المريض من هؤلاء بذعر شديد عندما يلتقي بموضوع خوافه، وهو لذلك يتجنب ذلك اللقاء من خلال طقوس عديدة واحتياطات كثيرة. موضوع الخواف (الرهاب) يثير عند المريض نوبة قلق بكل مظاهرها النفسية والفسيولوجية. ويستند في الواقع إلى إسقاط القلق الداخلي المتأزم مرضيا على موضوع محدد (المرأة مثلا) وحشره بالتالي في زاوية معينة من الوجود مما يترك حرية الحركة كاملة للمريض بعيدا عن موضوع خوافه» .. نستطيع تلمس تجليات الرهاب بشكل جلي وقبل كل شيء إزاء الصورة النمطية الشائعة للمرأة «الصالحة» التي عليها الانصياع للأعراف والقيم (خارج الشريعة السمحة) المتخلفة السائدة في ظل مجتمع أبوي / ذكوري (بطرياركي) تقليدي، والانقياد لاستلاباته القهرية، الاقتصادية، الاجتماعية، الجنسية، والعقائدية.. يعتبر د. مصطفى حجازي الاستلاب العقائدي أخطر أنواع الاستلاب لأن المرأة تتبنى كل الأساطير والاختزالات التي يحيطها بها الرجل، كما أنها تجتاف أحكامه الجائرة بصددها فتتقبل مكانتها، ووضعية القهر التي تعاني منها كجزء من طبيعتها، عليها أن ترضى بها وتكيف وجودها بحبسها. الاستلاب العقائدي، هو أن تقنع المرأة بدونيتها تجاه الرجل، وتعتقد جازمة بتفوقه، وبالتالي بسيطرته عليها وتبعيتها له.. وللحديث صلة. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة