كانت ليلة ممتعة؛ تلك الليلة التي استمعت فيها إلى محاضرة معالي وزير العدل الدكتور محمد العيسى عن «هويتنا القضائية» التي ألقاها في جامعة جازان، فالحديث كان شيقا والمكان كان مميزا!!. الجازانيون تميزوا بالفصاحة والأدب، وقلما تميزت منطقة في بلادنا بمثل هذه الميزة، قارئ القرآن يتمتع بصوت شجي، هو طالب في كلية الهندسة، والمقدم الدكتور حسين دغريري فصيح في بيانه وكلماته، ومدير الجامعة مثلهم فقد ألقى كلمة جميلة معبرة، ثم جاءت كلمة الضيف فكانت مسك الختام. القضاء العادل بالنسبة لأي أمة يمثل لها الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي والحياة الاجتماعية المريحة، فالإنسان أي إنسان إذا شعر أن هناك جهة يستطيع التوجه إليها عندما يشعر بالظلم وأن هذه الجهة بإمكانها رد حقه إليه فإن الاطمئنان سيكون العامل الأقوى على حبه لوطنه وإخلاصه له. ولكن.. إذا ضاق به الحال، وشعر أن الظلم والاستبداد يحيطان به من كل جانب وأنه عاجز عن الوصول إلى حقه فإن شريعة الغاب هي التي ستسود، وسينشر الفساد بكل ألوانه، وسيقود ذلك كله إلى تهاوي المجتمع وسقوطه. وقد أكد ابن خلدون عالم الاجتماع المسلم الشهير أن الظلم مؤذن بفساد العمران، ومثله كان ابن تيمية وكل المصلحين الآخرين، فالظلم وهو نقيض العدل كان من أقوى الأسباب لسقوط الدول والحضارات والأفراد. هويتنا القضائية كما أوضح معالي الوزير تنطلق من الإسلام بكل أبعاده، والمسلم يحمل هذه الهوية ويتبناها، ويفخر بها، ويحرص على ديمومتها لأنها تشكل العمود الفقري لدينه. وهذه الهوية نص عليها دستور الدولة، وجعل القضاء مستقلا يمارس فيه القاضي أحكامه بعيدا عن كل الضغوط وبما يمليه عليه دينه وفهمه للأحكام الشرعية. تحدث معالي الوزير عن جوانب مهمة في قضائنا، كما تحدث عن بعض المقارنات بين هذا القضاء وبين جوانب من قضاء دول أخرى وأظهر التميز الواضح بين قضاء يستمد مشروعيته من الإسلام وبين آخر يستمد قوته من البشر الذين وضعوه. تدوين القضاء ومفهوم هذا التدوين وتطوير العمل في المحاكم وكتابات العدل، وحقوق القاضي المادية والمعنوية، واستغلال القضاء، وقضايا أخرى كانت مشمولة بحديث الوزير في محاضرته ثم في إجاباته على المتداخلين والسائلين، وكل هذا أضفى على المحاضرة حيوية كما أفاد كثيرا من الحاضرين. أعداد القضاة في المحاكم، ومدة نقل الملكيات، وتثبت الحجج والملكيات، وطريقة الإحياء كانت مثار اختلاف ونقاش بين الوزير وبعض الحاضرين وهذا شيء طبيعي فاختلاف الآراء أصل في كل القضايا فليس من الضروري أن يتفق الجميع على كل شيء.. ويبقى القول: إن قضاءنا القائم على الإسلام والذي يحقق العدل الذي أمر به الإسلام هو مثار فخرنا وإعجابنا، وينبغي أن نتمسك به بكل ما نملك. وإذا كان هناك سلبيات وهذا طبيعي فنحرص على تجاوزها دون إساءة للقضاء والقضاة. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة