برغم أن مجهولي الأبوين لا يمثلون نسبة كبيرة لكنهم معضلة تواجه المجتمعات، إذ أن العثور على طفل حديث الولادة بجانب حاوية للنفايات أو بالقرب من مسجد أو مستشفى عنوان لقصة مأساوية بدأت روايتها بعلاقة محرمة لتنتهي إلى مشكلات نفسية تصحب الضحية (اللقيط) طيلة حياته. فمجهول الأبوين في المجتمع تعتريه شكوك وعزلة وشعور بالنقص، وتزداد مشكلته تعقيدا إن تباهى المجتمع أمامه بأهاليهم، فيلزم الصمت كون قصته المريرة لا تمكنه الإفصاح عنها. مشكلات عدة ونفسيات صعبة وخصوصا إن كان المجهول من ذوي البشرة السمراء، إذ لا يجد هذا النوع حاضنا بسهولة مثلما عليه نظراؤه من ذوي البشرة البيضاء. شرعيون أكدوا أن كفالة هذه الفئة أجرها كبير، كما قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم كهاتين»، معللين هذا الأجر لحاجتهم إلى الرعاية أكثر من اليتيم ذاته، كونهم فقدوا جميع أهليهم. إلى ذلك، أكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو مجلس الشورى الدكتور إبراهيم الجوير أن مشكلات مجهولي الأبوين تتفاقم عاما بعد آخر إذ تزايدت إحصاءات المجهولين. ولكن الجوير يؤكد أن انتشار المواد الإباحية، المخدرات، وتعدد الجنسيات أسهم في المشكلة، لافتا إلى أن القلق يعتري هذه الفئة ويزداد كلما تقدموا في السن لغموض المستقبل أمامهم. وطالب الجوير إدماج تلك الفئة في المجتمع عن طريق الأسر البديلة ليتحقق للقيط ما تفتقر إليه دور الرعاية، التي تعنى بالنظافة الجسدية والجسمية والمطعم والمشرب فقط، لكن الأسر البديلة توفر صحة نفسية وعقلية وتربية أسرية قويمة. وسلط الجوير الضوء على المشروع الذي تبنته وزارة الشؤون الاجتماعية، الذي هو في إطار العمل، إذ يعين أبوان لرعاية مجموعة من الأطفال بنطاق محدود، وكأنهم في محيط أسري فيشعر الأبناء أنهم وسط أسرة وإخوة. وبين الجوير أن أغلب مجهولي الأبوين يعانون من مشكلات دراسية، إضافة إلى قلق كلما تقدموا في السن، وعند رغبتهم الزواج فإنهم لا يميلون الاقتران بمجهولات والسبب رؤية الشاب حاجة زوجته أحيانا إلى أهلها لرعايتها في الأزمات كالولادة والمرض. ودعا الجوير إلى إيجاد مؤسسة لرعاية الأيتام، لافتا إلى أن الأسر البديلة تتخلى عن اللقيط بعدما يكبر ويعتمد على نفسه، ومشددا على ضرورة البحث عن علاج وفق قوانين علمية وواقعية، مع دعم وتطوير المؤسسات المتبنية لهذه الفئة. كما نادى بضرورة زرع الثقة في نفس الضحية مع نقل نماذج له لأيتام برزوا في حياتهم ولا يبالون بما حل بهم. وخلص بقوله: ليس معنى اللقيط أن يعيش حياة سيئة بعيدة عن الأخلاق فكثير من الأبناء ممن لهم آباء عاشوا حياة غير سوية والعكس تماما.