فتحت قضية محاولة القتل التي نفذها أحد نزلاء مستشفى الصحة النفسية بالطائف مطلع الشهر الماضي بهجومه الشرس على أحد حراس الأمن داخل العنبر الشرعي (1) وقطع بلعومه بسكين حادة، مطالب حراس الأمن الآخرين بصرف بدل خطر، وتدريبهم من خلال دورات مكثفة عن كيفية التعامل مع النزلاء، بينما في الجانب الآخر أبدى عدد من الأهالي تخوفهم من تكرار الحادثة ويكون الضحية أحد أبنائهم المنومين في العنابر، لاسيما أن شرخا واضحا في الجوانب الأمنية والرقابية كشفته تلك القضيه، مما أعاد للأذهان أحداث قضية سابقة ذهب ضحيتها أحد النزلاء على يد نزيل آخر قبل أربع سنوات، مؤكدين أن الحادثة الأخيرة أثرت فيهم كثيرا حتى أن البعض فكر في نقل مريضه إلى مصحة أكثر أمنا. وكان الناطق المكلف في شرطة الطائف الملازم سليم بن شرف الربيعي، صرح بخصوص الحادثة قبل شهر تقريبا، أن الشرطة باشرت التحقيقات في حادثة اعتداء سعودي في العقد الرابع من عمره مريض نفسيا وسجين بمستشفى الصحة النفسية على ذمة قضية قتل حارس أمن بالمستشفى في العقد الثاني من عمره، وطعنه بآلة حادة في حنجرته نقل على إثرها إلى مستشفى الملك فيصل. وكشف مصدر مسؤول بالمستشفى (رفض ذكر اسمه) أن الحراس لديهم جملة مطالب تتمثل في إعطائهم بدل خطر، على أن يكون بدلا ثابتا في رواتبهم، لافتا إلى أن طبيعة عملهم اليومي تستوجب إدراج بدل الخطر ضمن رواتبهم، مضيفا أن من مطالبهم أيضا ما نخطر به الصحة باستمرار بإلحاق الحراس بدورات تدريبية عن كيفية التعامل مع المرضى النفسيين، ليكون لديهم دراية بالعمل الموكولون به، مشيرا إلى أنهم يجبرون على التواجد داخل العنابر وهو ما قد يعرضهم لكارثة أخرى. المواطن محمد العتيبي قال: «قضية شهار الأخيرة كشفت تدني مستوى الأمن، لا سيما أن مستشفى الصحة النفسية لا بد أن يكون بأرقى الإمكانيات، حيث إن النزلاء شريحة غالية على قلوبنا ومن هذا المنطق يستوجب علينا جميعا تأمين حياتهم»، مؤكدا أنه لو كان له نزيل في المستشفى سيقوم بإخراجه. أما عبدالعزيز السفياني أشار إلى أن الحادثة أثرت في نفسه، مستغربا من عدم ظهور وزارة الصحة بتطمينات للأهالي ونزلائهم، وإجراءاتها المتخذة في هذا الإطار. وكشف ولي أمر أحد النزلاء أنه يفكر في إخراجه من المستشفى على مسؤوليته، وسيبحث له عن مستشفى آخر، لاسيما أن ابنه يمكث منذ سنوات في المستشفى، ولم يشهد تحسنا في صحته، متسائلا عن جودة العلاج وفائدته كون الجاني موقوف على ذمة قضية قتل سابقة، وكاد أن يسجل ضحيته الثانية بالرغم من أن له أربع سنوات تحت العلاج الذي لم يشفع له بتفادي الحادثة. من جهته أشار مصدر مطلع أن الجاني يعاني من مرض العدوان الداخلي، الذي يحاول صاحبه إلحاق الضرر بمن يحب، وكان الجاني نفسه أقدم على قتل ابن أخيه قبل أربع سنوات، وما زال موقوفا على ذمة تلك القضية، ويتلقى العلاج الطبي في العنبر الشرعي. وقال الدكتور حاتم الغامدي استشاري نفسي ومدير مركز إرشاد بجدة: إن قضية اعتداء النزيل على حارس الأمن ومحاولته القتل، لها مردود نفسي كبير في نفوس الأهالي، ومن المفترض لإزالة هذا الأثر النفسي أن يخرج مسؤول في وزارة الصحة بتطمينات ليس للأهالي فحسب، بل حتى للنزلاء أنفسهم والعاملين في المستشفى، وأن يعترفوا بالذنب لأن الاعتراف يبعث الأمان، وقال «القضية تدل على أن المستشفى يعاني قصورا في الأداء والإمكانيات الرقابية والعلاجية للنزيل، الذي مازال مصابا بالمرض وهو متورط في قضية قتل، ونزيل لديهم منذ أربع سنوات وكاد أن يودي بضحيته الثانية». من جهته قال ل «عكاظ» سراج الحميدان الناطق الرسمي باسم صحة الطائف: إنهم في طور الرفع بإلحاق حراس أمن شهار بدورات تدريبية تمكنهم من التعامل مع المرضى النفسيين، وكذلك دورات تعامل مع الجمهور ومن المفترض أن لا يعملوا إلا بعد تأهيلهم، مبينا أنهم سيتخاطبون رسميا لتحقيق ذلك، مشيرا إلى أنهم تخاطبوا مع المسؤولين عن إمكانية صرف بدل الخطر لحراس الأمن، ولم يصلهم رد رسمي حتى إعداد هذا التقرير. وأكدت مصادر ل «عكاظ» أن حارس الأمن الذي تعرض للاعتداء منح مدة شفاء لمدة 3 أشهر، ويسعى زملاؤه إلى ثنيه عن قراره بعدم العودة للعمل في مسشتفى شهار مرة أخرى. إلى ذلك أكدت جمعية حقوق الإنسان أن أوضاع المستشفى تتصدر قضايا المطالبة بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وحق النزلاء ومرافقيهم والعاملين في الحماية، وقال ل «عكاظ» ممثلها وعضوها الدائم في الطائف نايف الثقفي إن فرع جمعية حقوق الإنسان بالمنطقة تلقى شكاوى عدة سواء من المرضى أو من ذويهم عن سوء أوضاع المستشفى، إضافة إلى اطلاعها على ما نشرته وسائل الإعلام أيضا في هذا الشأن، إذ أنه من اختصاصها التأكد من صحة هذه الشكاوى كونها محايدة وترغب في أن يكون موقفها ذا مصداقية.