عندما كنا نعرف العيب ، كان كل منا يعرف حق الآخر وماله وما عليه من الحقوق والواجبات فلا يتعداها. عندما كنا نعرف العيب، ما كانت لعبة التكنولوجيا لتغرينا، ويدفعنا الفضول وضعف الوازع الديني والافتقار للأدب للتلصص على الآخرين. عندما كنا نعرف العيب ما كان أحد منا يفكر ولو مجرد تفكير ليبتز الآخر. عندما كنا نعرف العيب كان كل شيء يجري في مجراه الطبيعي ولا يشذ عنه، وما كنا لنعرف الشذوذ الذي ابتلينا به في عصرنا الحاضر. عندما كنا نعرف العيب لم يكن أحد منا يخدش حياءه أمام الملأ وكأن شيئاً لم يكن، بل وكثير منا يسلم للأمر ويرى أن القانون لا يحمي المغفلين. عندما كنا نعرف العيب كانت أعيننا تخجل من النظر إليه، وأسماعنا لا تعير له انتباهاً، لأننا نضع الله بين أعيننا ونشهده على ما في قلوبنا، فما كنا نخضع لرقابة أو حجب من قبل آخرين، أو محتسبين جزاهم الله عنا كل خير، بل نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب، ونعرف أن من العيب أن تعرف العيب وتفعله. عندما كنا نعرف العيب ما كنا لنتجرأ على الله ورسوله الكريم ونسيء الأدب، وما كنا لنقابل إحسان والدينا بالعقوق، و ما كنا لنعرف أن بيننا سخاف عقول لهذه الدرجة من السخافة والسطحية والوضاعة. ولكن هي لعبة التكنولوجيا ذات السلاح ذي حدين، والحقيقة التي لها وجهان، هي من كشفت لنا معدن أناس ونتن آخرين، ويبقى العيب كل العيب أن تكون صغيراً في نفسك وحقيراً ولا حساب للعزة والكرامة لديك، فإن مجدك القليل من شاكلتك على مضض، يظل يكرهك الكثير، فلا تظن أيها المغتر أنك تحسن صنعاً في اختراقك للحدود، فإحسانك الحقيقي هو في أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. أمل مغربي (جدة)