مذ كنا اطفالاً في مراحلنا الإبتدائية حرص أهالينا ومدرسونا على تغذية عقولنا المتعطشة للمعرفة وإشباعها بالأخلاق الإسلامية في التعامل مع الآخر، وبأننا سواسية عند الله تعالى مهما اختلفت ألواننا وأعراقنا، وبأن كل انسان يحاسب بأعماله فقط ولا يتحمل تبعات أعمال لا ناقة له فيها ولاجمل.وتعلمنا أيضاً أنه من العيب أن نستهزىء بفلان لأنه فقير وبفلانة لأنها قبيحة وبأن الله تعالى نهانا عن السخرية والهمز واللمز والتنابز بالألقاب، وحفظنا عن ظهر قلب قوله تعالى "وإنك لعلى خلق عظيم"، لكن لنتأمل قليلاً ما يحدث من حولنا هذه الأيام. الكثير منا أصبح يطلق الأحكام على غيره من خلال زاوية أو تجربة شخصية، ويعمم هذا الحكم وتتسع دائرته ليشمل الجنس سواء كان ذكراً أو أنثى ومن ثم العائلة والقبيلة ليصل في النهاية إلى الوطن والملّة! عدا عن التعميم المطلق على شعوب بأكملها بناءً على خطأ صدر عن شخص واحد. تؤلمني كثيراً رؤية التعليقات والردود من بعض القراء في المواقع بعد قرائتهم لخبر ما في إحدى الصحف، فبدلاً من أن يناقشوا الأسباب بموضوعية وشفافية، تقتصر كلماتهم على التجريح والسب والشتم لشعوب عربية ومسلمة وتطالب بطردهم.وهذا أيضاً ما يحدث حين لا يعجبهم مقال ما لكاتب معين، وعوضاً عن مناقشة فكره يتعرضون لشخصه بالتجريح, أما ما يتردد في مجالس النساء والرجال فحدث ولا حرج، فتجربة فاشلة لرجل واحد تحول كل النساء على الكرة الأرضية إلى خائنات ومستهترات وتجردهن من الأخلاق، وتجربة فاشلة أخرى لأنثى تحول كل رجال العالم إلى قساة وجناة وذئاب بشرية .ترى هل وصلنا إلى مرحلة ضاقت فيها الآفاق إلى هذا الحد؟ هل أصبحت انفعالاتنا هي ما يحركنا؟ وهل من العدل أن يظلم وطن أو أسرة بسبب تصرف فردي أهوج؟. لقد تناسى الكثير منا أن الأخلاق هي جوهر عقيدتنا الإسلامية، وتطبيقها يكون قولاً وعملاً فهي ليست شعارات ترفع بل هي أنظمة تطبق لترتقي بنا وبأمتنا. علينا أن نحاسب أنفسنا ونتأمل دوماً في ما نفعل، فكلنا يخطىء، والإنسان منا يستطيع تدريب نفسه وتعليمها وتهذيبها والرقيّ بها، بذلك يرضى عنا الله عز وجل وتسود المحبة بين البشر، ويكفينا قوله صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ". * كاتبة ومذيعة