على طاولة الحوار الوطني دائما يلتقي أبناء الوطن وبناته يتحاورون ويتبادلون الآراء والأفكار في أجواء تسودها الألفة والمحبة والأخوة الوطنية يجمعهم هم مشترك بحوارهم يرتقون ليصلوا إلى رؤية مشتركة تلتقي فيها كل الأطياف والمشارب لبناء مستقبل أفضل للوطن. ومن خلاله يتحقق لكل فئات المجتمع الفرصة لإبداء الرأي فلم يعد صوت النخبة والمثقفين من الكبار فقط هم من يجتمعون ويتحاورون ولكن أصبح للشباب من الجنسين حضوره وكلمته التي تسمع وفكره الذي يحترم ويقدر ويؤخذ به وتلك والله لفتة تحسب لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. الإصلاح والتطوير في المشهد السعودي هو موضوع الخطاب الثقافي الرابع الذي عقد في مدينة الرياض على مدار يومين التقت الأفكار والأطروحات الفكرية وخلص الجميع إلى أننا جميعا نسعى للإصلاح ولا شيء غيره والوطن بحاجة إلى تحديد المفاهيم والمصطلحات الإصلاحية بمعناها ومدلولها الحقيقي لنعرف من هو المصلح ومن المفسد؟! كم نحن بحاجة إلى مد العون إلى هيئة مكافحة الفساد التي هي الآن في طور المهد وتحتاج للرعاية والدعم والمساندة، لأن الفساد هو الذي يهز أركان كل مجتمع ولابد من إيقاف زحفه حتى لا يتحول إلى أخطبوط يأكل الأخضر واليابس. نحن بحاجة إلى تفعيل دور قوي جدًا لمنظمات رقابية ومحاسبية تعمل بدقة تحاسب وتراقب كل مسؤول صغير كان أم كبير ولا أحد فوق المحاسبة والمتابعة حتى لا يُساء الأدب وتنتهك الحقوق وتُسلب الأموال حينما تؤمن العقوبة. الوطن ينادي بصوت عالٍ أنقذوني من براثن المفسدين الضالين المضلين، ممن سرقوا خيرات البلاد وحرموا العباد من التمتع بثمرات كل إنجاز أو تحقيق كل أمل لهم في حياة كريمة، حتى لا تزيد الحسرات ولا تكثر العبرات نحتاج فورًا لمكافحة هذا الفساد. نطالب كمواطنين بتفعيل دور هيئة مكافحة الفساد وتيسير سبل التواصل معها بأيسر الطرق ولتكن إلكترونية وليكن كل مواطن ومواطنة عضوًا فاعلًا فيها ينقل مظلمته وشكواه إلى هذه الهيئة بعيدًا عن البيروقراطية التي تعطل كثيرًا من شؤون حياتنا، حتى نحيا حياة هانئة مطمئنة يعلو فيها صوت الحق ويزهق الباطل ونردد معًا هذا هو الإصلاح الذي نريد. إصلاحنا اجتماعي أخلاقي بالدرجة الأولى، نحن بحاجة إلى رفع صورة العصمة عن مجتمعنا ونعترف بالخلل ووجود الفساد وأننا في غفلة من الزمان حدثت فجوة بين ما تعلمناه في كتب الدين على مدار سنوات عمرنا وبين سلوكيات خاطئة وأخلاق مقيتة وجدت لها مكانًا بين بعض أفراد مجتمعنا. لنبدأ بالنية الصادقة في العمل والجد والمثابرة ثم الإتقان والجودة في أداء العمل، وقبل كل شيء وبعد كل شيء مخافة الله ومراقبته في السر والعلن. نحن بحاجة إلى إعادة بناء الإنسان الذي يلتزم بتعاليم دينه وتنعكس عليه ما حفظه من كتاب الله وسنة نبيه سلوكا وتطبيقا. كم هو رائع أن نضع أمام أعيننا ما تعلمناه عن الإحسان (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك). العبادة ليست صلاة وصيام وصدقة وحج وعمرة فقط، العبادة كل عمل تقوم به وكل سكنة وحركة تقوم بها أيها الإنسان وكل أمانة في عنقك ستسأل عنها. (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، ليكن هذا شعارنا في كل مؤسسة ومنظمة ودائرة حكومية أو خاصة وفي كل بيت ومدرسة أمام أعيننا ليلًا ونهارًا لعلنا نستيقظ من سبات أصابنا ونعدل سلوكنا ونقوّم ما اعوج وما ضاع من أخلاقياتنا في العمل والمعاملة، كل فرد منا معني بذلك الإصلاح يبدأ مني ومنك، من كل فرد محب لوطنه، مخلص في صدق مشاعره، لنبدأ من هذه اللحظة نصلح أنفسنا حتى يصلح كل من حولنا. ودامت طاولة الحوار الوطني التي تجمع وتؤلف بين القلوب، وتوحد الأفكار، ليبقى المركز منبرًا حرًا صادقًا في تحقيق أهدافه السامية.