عندما بدأنا في مرحلة الاستعداد للهبوط في مطار جدة، أرجع قائد الطائرة البوينج 777 العملاقة قوة دفع محركيها إلى أقل مستوى، وسبحان الله أن الطائرة استمرت في التحليق لفترة طويلة بدون أي عناء أو «دراما» بالرغم أن وزننا كان يفوق المائتي ألف كيلوجرام. وهي كغيرها من الطائرات، «لا تسقط من السماء» بمشيئة الله حتى في حالة توقف محركاتها تماما لا سمح الله، وذلك لأن أسطحها بشكل عام، وأجنحتها بشكل خاص مصممة «للزحلقة». أي أنها «تداعب» الهواء ولا تعرقل مساره كثيرا. ولذا فهي تسير بأمر الله على «وسائد» الهواء، وتخترق جزئياته بمقدار احتكاك يسمح لها بالحركة بسرعة عالية وبمقدار انزلاق عال. ويصفون تلك القدرات على الطيران الشراعي بمصطلح «معامل الانزلاق» Glide Ratio. وأما على الأرض، فنحرص على تغيير زيوت محركات سيارتنا للتأكيد على كمية «زحلقة» بين أسطح المعادن لتقليص الاحتكاك الذي ممكن أن يهدد كيانها. وحتى في البحر نجد أن «الزحلقة» تلعب دورا مهما جدا، فنجد أن الأسماك ذات القدرات المتميزة في السباحة السريعة المستمرة مثل «التونا» تتميز بمقاومة منخفضة جدا للماء بهدف تقليص الاحتكاك. وقمة الزحلقة ستجدها في الحركة في الفضاء الخارجي الذي يبدأ على ارتفاع مائة كيلو متر من سطح الأرض. ويعرف ارتفاعه بخط «كرمان» حيث ينخفض ضغط الهواء لدرجة تسمح بتقليص المقاومة الهوائية. واختير هذا الارتفاع لأن مستوى الضغط هناك يعادل مقدار «باسكال» واحد فقط. «باسكال» واحد يتيم لا يعترض الحركة بمشيئة الله فتجد آلاف القطع السابحة في الفضاء بيسر شاملة «القمائم» الفضائية طبعا. ولكن أهم أنواع الزحلقة المفيدة هي تلك التي نجدها بداخلنا حيث توفر لنا سمات الزحلقة بمشيئة الله جزءا أساسا من الصحة: من تيسير حركة كرات الدم الحمراء التي تتحرك مسافات تفوق ضعفي المسافة حول كوكب الأرض يوميا، إلى مقاومة الجراثيم عندما تهرع الخلايا الدفاعية لخوض معارك ضد المتمردين أو الغزاة. ولكن بصراحة كل هذا في واد، والمخاط في واد آخر فهذه المادة العجيبة التي تعتبر من عناصر القرف تتكون من بروتينات أهمها «الميوسين» على وزن «على مين؟» وهو خليط من البروتينات السكرية التي تتميز بدرجة لزوجة وكثافة عاليتين لتزحلق الميكروبات والفيروسات المختلفة وتحملهم بعيدا عن أسطحنا الحساسة، وسبحان الخالق الجبار. وقمة روائع الزحلقة بداخلنا ستجدها أيضا في المفاصل، وفي أكبرها وأروعها وهي الركبة، فركبنا معلقة ومغلفة بسائل في منظومة ميكانيكية إعجازية تتحدى الاحتكاك بطريقة لا تضاهيها أي من التصاميم الميكانيكية الآدمية. وعلى سيرة «الركبة» فلابد من الذكر أن بالرغم من كل هذه الروائع العلمية للزحلقة، فتجد لها بعض الجوانب «الخبيثة» وهي ما يمارسه البعض يوميا وبمهارات عالية وفنون للتخلص من البشر. عندك معاملة متعطلة؟، لديك شكوى؟، مقترحات لتحسين الأداء؟، تود مقابلة مدير أو رئيس الجهاز؟، اعتراض على فاتورة؟، اعتراض على البنك؟، على حقيبة السفر التي ضاعت في المطار؟، على العلاوة أو الترقية المتأخرة؟، الأستاذ ضرب أولادا في المدرسة؟، شكوى بخصوص رفع الإيجار؟، مقترحات بخصوص تحسين أداء بعض الجهات الخدمية؟، قابلنا عند خط «كرمان» المعرف أعلاه قبل 256 كلمة. أمنية أدعو الله عز وجل أن يقينا شرور الزحلقة الخبيثة. وأقترح ترشيح الجهات التي تمارس هذه الفنون الداكنة، وسأبدأ بترشيح أكبر من يمارسها على غير استحياء وهي السلطات الصهيونية في فلسطين حيث تتم زحلقة حقوق الإنسان يوميا في القدس، والخليل، وعكا، ويافا، وكل شبر من الأراضي المحتلة.. والله شاهد على ما أقول. وهو من وراء القصد للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة