خلال الأسبوع الماضي تم تعبئتها بأقصى ما تتحمل من الوقود والحمولة إلى أن وصل وزنها إلى حوالى مليون رطل... يعني ما يعادل وزن حوالى 196 سيارة «كامري». وقبل أن تتحرك هذه الطائرة الجديدة ، استبدل الطاقم الفني الأرضي طقم فراملها الجديد بطقم مهترئ بالكامل. وللتوضيح فكانت الفرامل التي وضعوها قصدا «على الصاج»، أي أنها لا تصلح للاستخدام الاعتيادي السليم. وذلك لإجراء أحد أهم اختبارات الأداء. وانطلقت الطائرة العملاقة الجديدة من طراز البوينج 8 747 على المدرج وكأنها متأهبة للإقلاع إلى أن وصلت سرعتها إلى 320 كيلومترا في الساعة، ثم قام الطياران بإرجاع قوة الأربع محركات الجبارة إلى حدها الأدنى، ودعسا على بدالات المكابح بكامل قوة رجليهما. وأصبحت المسألة أحد التحولات الجبارة في الطبيعة. كل تلك الكتلة الهائلة مضروبة في تربيع سرعتها أصبحت طاقة حرارية مهولة تكفي لطبخ أثر من مائة «تيس حري». وتحديدا فقد ارتفعت درجة حرارة الفرامل المهترئة إلى ما يزيد على 1400 درجة مئوية. وللمقارنة فدرجة حرارة شعلة الدافور تتراوح بين 900 إلى 1200 درجة مئوية. وتوهجت أسطح الفرامل بلون برتقالي يعكس تلك الطاقة الرهيبة. واشتعلت فراملها واحترقت لمدة خمس دقائق بدون أن تنال جسم الطائرة أو أن تهدد كيانها بشكل فيه ضرر على الركاب أو الطائرة نفسها. وتجمعت حولها سيارات الإطفاء ولكنها لم تفعل شيئا لأن اختبار الفرامل يتطلب عدم التدخل لمدة الخمس دقائق. وتلخص هذه الدراما أحد أشد الاختبارات التي اجتازتها هذه الطائرة الجديدة. لو فكرت في روائع الفرامل في حياتنا، ستجد أنها لا تحصل على الاحترام الكافي واللائق منا جميعا. تأمل مثلا أنك عندما تلمس دعاسة الفرامل في سيارتك، تحرك إحدى روائع منظومات «باسكال» الفنية. طبعا لا مؤاخذة أقصد «بليز باسكال» عالم الرياضيات والفيزياء الفرنسي الذي أسس بعض من أهم علوم السباكة من خلال اكتشافه لحركة الموائع في القرن السابع عشر. الشاهد أن دعستك على دواسة الفرامل ترسل سائلا عبر أنابيب صغيرة تحت ضغط عال ليحرك طلمبات واسطوانات، وغالبا «تخاطب» حواسيب لتقويم سرعة دوران العجلات لتوزع الضغط على كل منها لتضمن أن لا تفقد سيارتك توازنها. وكل ذلك خلال فترة أقل من «غمضة عين». وتحديدا ممكن أن تصل إلى أكثر من ستين إشارة في الثانية الواحدة. طبعا لا نفكر في كل ذلك عندما نستخدم هذه التقنيات الرائعة. وهناك ما هو أهم من كل هذا فمبدأ الفرامل يتحكم فيما يؤثر على حياتنا. تخيل مثلا أن العديد من السموم تعمل من خلال «فرملة» وصول الأكسجين إلى خلايا الدم وبالتالي فتحرمنا من أحد أهم مكونات الحياة. وهناك سموم أخرى تفرمل الإشارات الكهربية الدقيقة بداخلنا من التدفق عبر الخلايا العصبية لتصيب بالشلل. ومن جانب آخر تعمل بعض المسكنات من خلال آلية فرملة نواقل إشارات الألم بداخلنا. فرامل في فرامل. أمنية في خضم هذا الموضوع لا بد وأن نسال: من «سيفرمل» التصرفات غير الإنسانية تجاه المدنيين العزل التي نشهدها يوميا في العالم العربي؟ من فلسطين إلى ليبيا إلى سوريا واليمن؟ من سيحاسب الذين يطلقون النار على المدنيين بدون تفرقة؟ أتمنى أن تسجل عليهم كل هذه الانتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان، وأن يتذكروا أن الله رقيب على كل ما يفعلون. وهو من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة