دلفوا بأعلامهم ولافتاتهم وشعاراتهم، رافعين الصوت بأهازيجهم المفعمة ذات الدلالات والمعاني المتباينة، سواء اتفقنا معها أم كرهنا سماعها ومشاهدتها. جاءوا بآمال الفوز وحصد النقاط، والرجوع مبتهجين إلى بيوتهم ومواضع سمرهم. جاءوا حتى يناظروا ويستمتعوا بلقاء جميل.. تنافسي متكافئ. أي طرف يريد الانتصار، كل فئة تشحذ همم لاعبيها ومناصريها، ويستحضر كل ما لديه من عوامل ووسائل الفوز. كل طرف يرى أنه الأجدر بالفوز في مواجهة الفريق الآخر، ومنافسه القادم من مكان ما في ذاكرة وساحات الوطن شامخا. أقطاب رياضية تحوز الكثير من البطولات والإنجازات والجماهير، مهما اختلفنا حولها وحول غيرها من فرق وأندية الوطن، بسبب توجهاتنا وتعصبنا وعشقنا المفرط للإثارة والتشويق حد الوصول إلى خسارة الانفعال و«تورم الذات» ومن ثم الإساءة للآخر. ما سبق ربما يكون مستساغا بمضمونه العام، ومتاحا برأينا عامة سوى أن يكون نابعا من حالات فقدان السيطرة على تصرفاتنا ومفرداتنا، وهو ما نظنه وجهة نظر عامة، وهو كذلك في نظر المتزنين في توجهاتهم، ناهيك عن كونه جزءا من المنافسة الرياضية المعتبرة. أن تتخلى عن ضبط النفس وتفقد أعصابك بأي ذريعة كانت، وأن تتبادل بعض جماهير الفرق الرياضة مسلسل الإثارة والتشويق والخروقات اللفظية المضحكة المبكية، فهذا ما لا يمكن أن نستسيغه أو نقر به، مهما كانت طبيعة الجهة التي ارتكبته، وهو ما لا يليق بتاريخ وأهداف وجماهيرية الرياضة السعودية، مهما ساق البعض من المبررات. والأكثر ألما ومدعاة للدهشة أن ترى الأعلام واللافتات تركت بالمدرجات والممرات وكأنها لا تعني شيئا لمن كان يحملها على رأسه أو صدره قبل سويعات، ولعل الدلالة هنا لا تخطئها نباهة الحصيف. التصريحات الانفعالية الارتجالية لسنا بحاجة للتعليق عليها فهي تكشف ذاتها تلقائيا، تحدثنا عن ذلك مرارا وتكرارا، وهي نفسها تدل على مستويات أصحابها فكرا وسلوكا. بعضها يعبر عن ذاتية تدعو للأسف والاستغراب. وقاتل الله الانفعال والهوى فقد أودى بمكانة وصور بعض الرجال جراء ما تلوكه ألسنتهم قبل أن تختبره عقولهم. وقليلون هم من يمتلكون الحنكة والشجاعة لمراجعة ما قالوه، ويعترفون بالخطأ، ويملكون شجاعة أكبر بالاعتذار كما فعل الكابتن سامي الجابر مع الكابتن محمد نور.. وهي شجاعة نقدرها عاليا من «سامي» الذي قدم درسا أخلاقيا يجب أن يستفيد منه الآخرون.. لنحاول ونجرب البحث عن الأسباب التي أدت إلى ما يحدث من خروقات لفظية.. وما حدث قبل ذلك بين كثيرين من منسوبي الوسط الرياضي، لنتعرف على الدوافع الحقيقية التي تقود بعضنا إلى الانفعال والاندفاع اللفظي؟ لنحاول علاج الدوافع والمكنونات والخفايا.. والقضاء عليها، بعيدا عن الاتهام والإثارة والتشنج والعصبية. وأخيرا هل سيتمكن التعصب والتعدي اللفظي والجسدي كما جاءت الأخبار عن «أطرش الوحدة» المقال.. حيث أحسنت إدارة القدير «علي داود» بإقالته وإبعاده.. نقول هل يمكن وقف هذا التعصب وهذا الانفلات اللفظي التي أصبحت تتكرر كثيرا في الآونة الأخيرة ؟ مجرد سؤال!