رفض قضاة في وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء ومحامون، فكرة محاكم متخصصة لمحاكمة المتهمين في قضايا الفساد، متخوفين مما أسموه فقد القضاء شيئا من اعتباره، في ظل كثرة التخصيص. وقال القاضي الشيخ محمد الجعفري رئيس المحكمة الجزئية في القطيف، ليس هناك حاجة لاستحداث محاكم متخصصة في قضايا الفساد، إذ أن قضايا الفساد تكون بحسب التهمة، فبعض قضايا الفساد تكون عقوبتها أمام ديوان المظالم مثل الرشوة والتزوير وسوء استغلال السلطة وغيرها وينعقد الاختصاص فيها لديوان المظالم، وهناك قضايا فساد تنظر في المحاكم العامة مثل قضايا غسل الأموال، كما أن بعض قضايا الفساد كالغش والتدليس والنصب والاحتيال والاختلاس وغيرها ينعقد الاختصاص فيها للمحكمة الجزئية، وبالتالي يتعذر أن تكون محكمة واحدة لغرض محاكمة الفساد. وأوضح الشيخ تركي القرني القاضي في المحكمة الجزئية في جدة، أن قضايا الفساد بمفهومها الشامل موزع اختصاصها بين القضاء العام والقضاء الإداري «ديوان المظالم»، وبالتالي يصعب توحيد جهة التقاضي. وفضل توفير دوائر قضائية متخصصة ملحقة بالمحاكم الجزائية «كأن يكون لدينا دوائر قضائية مختصة بالنظر في قضايا الفساد ودوائر مختصة بقضايا المرور وأخرى مختصة بالأخطاء الطبية، وهكذا وتكون جميع تلك الدوائر تحت مظلة القضاء العام». ورجح الشيخ طالب آل طالب القاضي في محكمة جدة، اختصاص المحاكم الجزائية بمحاكمة جرائم الفساد «ولا ضرورة لتخصيص محاكم للفساد، وقصر مفردة الفساد على الفساد المالي يخلق مجتمعا جديدا لا يعتبر جرائم الإلحاد والفواحش فسادا، وأعتقد أن لمحاكمة الإرهابيين ظروفا أمنية معينة، وجرى تخصيص محاكم لهم لمحاولة تسريع المحاكمة، وتفريغ القضاء الجزائي من نظر القضايا المهمة سيجعلنا أمام قضاء يلاحق نظر قضايا معاكسة الفتيات والحوادث المرورية». وأبدى اعتقاده أنه في حال كثرة تخصيص المحاكم واللجان القضائية سيفقد القضاء شيئا من اعتباره «وسيجعلنا أمام إشكالية تنازع الاختصاصات، والفساد في كل الدنيا تتم محاكمته من خلال القضاء والادعاء عليه من خلال النيابة «الادعاء العام»، وخلق جهات أخرى تتجاوز دور الضبط وتزاحم الجهات القضائية سيربك العملية، وتعتبر القضايا الجزائية قضايا رأي عام، وفي تصنيف لأشهر 100 قضية في تاريخ القضاء الأمريكي كانت 98 منها قضايا جزائية». ووقف الدكتور ماجد قاروب رئيس اللجنة الوطنية للمحامين في صف إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية «وليس تخصيص المحاكم التي دخلت مرحلة التخصيص النوعي في إطار مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء». وأوضح أنه «بمجرد قراءة مسمياتها يتبين بشكل واضح مدى التداخل والتقاطع والتباين، فنجد لدينا هيئة التحقيق والادعاء العام وهيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة والمباحث الإدارية، ومن هنا نجد ونتأكد في وجود هذا التباين الذي يجب أن يفصل في 3 أجهزة مختلفة، أولها يكون معنيا بالرقابة المالية والإدارية السابقة على الأعمال الحكومية، وثانيها الضبط والتحقيق، الثالث معني بالادعاء، هذا الفصل وإعادة الهيكلة هما السبيل الأمثل لمكافحة الفساد».