يعد مشروب السوبيا أحد أهم المشروبات التي يحرص عليها المجتمع المكي، وارتبطت شهرة بعض العائلات المكية بشكل خاص بصناعتها، والتي توارثتها عن الآباء والأجداد، يقول محمد الخضري «منذ ما يقارب 50 عاما توارثت العائلة هذه المهنة على يد العم سعيد خضري في محلة المسفلة ». وأخذت السوبيا تنتشر في معظم أنحاء المملكة، ومن توارث العائلات المكية لها، إلى عائلات تورث صناعة السوبيا في مناطق المملكة المختلفة، فأخذ هذا المشروب يزحف صعودا نحو جبال أبها ومنطقة عسير، ليواصل زحفه نحو المنطقة الشرقية حيث كثر الطلب عليه بحسب الخضري، وأصبح له زبائن معروفون، فما أن تبدأ مدافع الشهر الكريم في الانطلاق حتى يبادر الزبائن في سرد قائمة الطلبات. والسوبيا بلونيها الأحمر والأبيض، تتراوح صناعتها ما بين الزبيب والشعير الخام، إلا أنها في الأساس تقوم على الشعير كما أشار محمد الخضري، وحول إعدادها الذي يتم على عدة مراحل يوضح الخضري «نباشر أولا بطبخ الشعير بعد تنقيته من الشوائب ثم تبريده ونقعه ومن ثم نصفيه حتى يصبح جاهزا للشرب»، ومع أن كثيرا من الناس يفضلون شراء السوبيا من المحلات والبسطات، إلا أن كثيرات من سيدات البيت المكي يفضلن تصنيعها في مطبخهن من باب الحرص على النظافة كما تفعل الخالة زينب سراج التي تعكف في كل رمضان على ذلك، حيث يتم تحضير السوبيا «البيتي» من بقايا الخبز فبعد بله ونقعه في الماء تضاف له حبات الهيل، ثم تتم تصفيته على مرحلتين الأولى من خلال المصفى، ثم تتبعها تنقيته من خلال قماش الشاش الأبيض، لتنتهي رحلة تحضير السوبيا بإضافة السكر ومكعبات الثلج وصبه في الكاسات، لتقدم على مائدة الإفطار بعد عناء يوم صوم حار بحسب تعبير الخالة زينب. ليس ثمة طريقة معينة تحفظ بها السوبيا من التلف، إلا أن تقاليد شربها وحفظها قديما كانت أكثر ما يميز هذا المشروب كما أوضح محمد الخضري «بعد أن تتم عملية التحضير يتم حفظ السوبيا داخل «أزيار» من الفخار كبيرة الحجم ومغطاة بقماشة حمراء اللون» لكن يظل ارتشاف السوبيا من الكاسات الحمراء وتقليبها بقطع الثلج من وإلى الإبريق المعبأة فيه أكثر ما كان يضفي نكهة على المشروب في القدم ليتذوقها طالبو الود والمزاج العالي.