لا يمكن الحديث عن الفساد دون أن يتم البحث في جذور هذا الفساد وسبل مكافحته ومواجهته ودون أن تكون هناك إجراءات رادعة وحاسمة لكل الذين يمارسون الفساد الإداري والمالي ويعتدون على المال العام، ولأن الأمر كذلك فإن كشف تقرير هيئة التحقيق والادعاء العام عن عدد من قضايا الاعتداء على المال العام والتي بلغت 5695 قضية والتحقيق في 82919 قضية في كافة فروع الهيئة وبنسبة ارتفاع 17 % يعني أن ثمة مؤشرا خطيرا يتعلق بقضية الفساد المالي والإداري ويعكس خطورة هذه القضية وهو ما يفرض أن تكون هناك استراتيجية طويلة المدى تبحث في مسببات ودواعي هذه القضية ودراسة أطرافها المختلفة خاصة أن عدد المتهمين بلغ 113982 هو رقم ينبغي أن يكون مثار نقاش وأسئلة وأن يعزز الاتجاه نحو تفعيل دور المسؤولين من وزراء ومديرين عامين وهيئة الرقابة والتحقيق وغيرها من المؤسسات الرسمية في مراقبة ومحاسبة كل من اعتدى على المال العام، ذلك أن هذا المال ليس مالا شخصيا، إنه مال الدولة وهو بالتالي مال الوطن والمجتمع. إن قضايا الاعتداء على المال العام قضايا تمس راهن الوطن ومستقبله لأنها قضايا تتصل اتصالا مباشرا بشرف الوظيفة وأداء الأمانة وصدق الممارسة العملية والمهنية، ومن هنا فإن المراقبة والمحاسبة ضرورة ولا بد من ردع كل من يعتدي على المال العام كبيرا كان أم صغيرا.