استحوذ مشروع الملك عبدالله لإعمار مكةالمكرمة، والتعويضات المصاحبة له على أحاديث أهالي مكةالمكرمة وهم يحتسون فناجين قهوة « التلاقي» على شرفة الهموم المشتركة نهاية كل شهر في اثنينية الدكتور أحمد المورعي ،فتلتئم أرواحهم، متطلعة لمستقبل مكةالمكرمة وسط ثورة من مشاريع التطوير التي انطلقت آلياتها مع مطلع العام الجديد . ومع كل لقاء يجمع شتات « المكاويين» تدور الأحاديث عن شائعات متداولة حول مشاريع التطوير، وتقديرات التعويضات للعقارات المنزوعة، وبقايا أحياء أزيلت بالكامل، لتتحول لقاءاتهم إلى مجالس ساخنة يتبادلون فيها أطراف الحديث عن دور الجهات التطويرية في مكةالمكرمة في كشف ملامح مكةالمكرمةالجديدة التي ستكون بعد أربع سنوات ذات طابع عمراني مختلف. في حي العوالي أحد أرقى أحياء مكةالمكرمةالجديدة، يتكئ نخبة من وجوه المجتمع المكي على أرائك فاخرة في منزل مضيفهم المورعي؛لتعود بهم الذاكرة لحاراتها القديمة، ومنازلها ذات الطابع العمراني الفريد الذي غيرت عوامل التعرية العمرانية من واجهاتها، وتحويلها إلى كتل خراسانية فقدت معها حميمية التواصل الاجتماعي . «عكاظ» رصدت نبض الأحاديث تلك، في اثنينية المورعي حيث رأى ممثل وزارة العدل في مكةالمكرمة، وعضو لجنة التقديرات الدكتور عبدالله الحريري الزهراني ،أن التقديرات مجزية خلافا للشائعات، مؤكدا أن التقديرات المقدمة من الدولة لملاك العقارات المنزوعة لصالح المشاريع التطويرية عنصر رئيس في منظومة التطوير، ولهذا نحرص على أن يكون كل مالك عقار راضيا بما منح له من تعويض ،لكن تظل الشائعات حول ضعف التقديرات معول هدم لجهودنا أحيانا. ويشدد الدكتور فايز جمال على ضرورة إشراك المجتمع في التخطيط والتطوير من خلال فتح قنوات للتواصل بين الجهات المعنية والأهالي «لا بد أن يكون الناس شركاء مع الجهات الحكومية في التطوير والتخطيط، حيث ينبغي على تلك الجهات التوسع في قنوات التواصل والاتصال مع كافة الشرائح، وسماع كل المعوقات التي تؤرق الناس، فبناء مكةالمكرمة وتطويرها هم مشترك بين كافة القاطنين فيها، لكن المشكلة التي نتحسسها هي إغفال التواصل، ما قاد إلى ترويج شائعات بين الناس حول التقديرات، فلا بد من أن يكون هناك تكامل بين طرفي المعادلة للخروج من هذه الشرنقة. ويرى أحمد الأحمدي ضرورة أن تخرج بعض الجهات المعنية بالتطوير، عن دائرة الصمت خلال المرحلة المقبلة «في ظل ثورة مشاريع التطوير في مكةالمكرمة ،تلتزم هيئة تطوير مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة الصمت، ولا تكشف عما يدار في دهاليزها، وهذه معضلة لا بد من الخروج منها عاجلا،و الناس تنتظر معرفة كافة تفاصيل مشاريع التطوير لاسيما مع إطلاق مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإعمار مكةالمكرمة الذي سيغير مكةالمكرمة خلال المرحلة المقبلة. لذا لا بد من حملات إعلامية تعتمد المصداقية والدقة والشفافية لدحض كل الشائعات التي يتداولها الناس». ويحرص الدكتور عادل غباشي وكيل جامعة أم القرى،رغم ارتباطاته العملية، على حضور تلك الجلسة الشهرية، مؤكدا على هوية مكةالمكرمة في مستقبلها العمراني «بدأت ألاحظ اندثار تلك الهوية، ولم أعد أرى بعض واجهات المنازل المكية الأصيلة، بل دخلت على بعض المواقع تصاميم هندسية ليست عربية بقدر ما هي محاكاة لبعض التصاميم الغربية». ويعود فهد اللهيبي بالذاكرة للوراء متذكرا الروابط الاجتماعية القوية بين أهالي مكة. مشيرا إلى أن النقلة العمرانية الضخمة التي شهدتها العاصمة المقدسة والانفجار السكاني قادا إلى خلق فجوة في التواصل بين الناس؛ لذا فعلى الجهات الاجتماعية الحرص على ترسيخ مفاهيم التواصل الاجتماعي من خلال مراكز الأحياء والجمعيات، وعلى الجهات المعنية بالتخطيط أن تضع ذلك في الحسبان من خلال استحداث مواقع لأنديةاجتماعية في مخططاتها والعمل على تنفيذها. وتبرأ الأمين العام لهيئة تطوير مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة الدكتور سامي برهمين، من حديث البعض عن التقديرات العقارية المتواضعة للعقارات المنزوعة لصالح مشاريع التطوير في مكةالمكرمة، مؤكدا أن فاتورتها تجاوزت 23 مليارا ذهب ثلثاها لصالح التقديرات التعويضية، وهي مسندة إلى لجنة مكونة من خمس جهات حكومية وهي من يقف على المباني والعقارات ويقدر ثمنها، أما التقديرات المالية فهي في ذمة اللجنة، ولا بد أن يدرك المجتمع أن الهيئة ليست « سوبر مان»،تستطيع أن تنفذ كل المشاريع بمعزل عن الجهات الحكومية الأخرى، ولا تملك عصا سحرية للتغيير في أيام، بل هي جهة تعمل مع منظومة من الجهات. كاشفا أن الهيئة منحت صلاحيات واسعة في الفترة الأخيرة للإشراف على مشاريع تطوير مكةالمكرمة. وزاد «كنا منذ فترة ندرك أن القطاع الخاص قادم للاستثمار في مكة لا محالة، لكنه يحتاج إلى توجيه لاسيما بعد عشوائية تملك رجال الأعمال لمساحات شاسعة دون ضوابط، ولذا حرصنا على تقنين هذه الهجمة من خلال إصدار ضوابط شرعية وفنية وتنظيمية له تحت ما يعرف بمنهجية تطوير مكةالمكرمة». ونفى الدكتور برهمين ما يتناقله البعض من أن مكة لم يكن لها مخطط، مؤكدا أن مكة بها مخططات ودراسات منذ سنوات طويلة ولكن المشكلة تمثلت في عدم تنفيذ تلك المخططات. والآن لدينا مخطط تفصيلي نعرف من خلاله كل ما تحتاجه المدينة بالتفصيل بما فيها المدارس والكليات وكل مرافق الحياة وهذا موجود في المخطط الاستراتيجي . وكشف أمين هيئة تطوير مكة والمشاعر أن مشاكل مكةالمكرمة التراكمية لم تحل، حيث تمثل مشاكل اليوم صورا مكررة من مشاكل الأمس. أبرزها الاختناقات المرورية، وعدم استكمال مشاريع الطرق حيث لا يوجد في مكة من الطريق الدائري الأول وحتى الرابع طريق دائري واحد مكتمل. كما أن الطرق الإشعاعية متهالكة ،حيث لم يتم فتح أي طريق لربط المنطقة المركزية بأطراف المدينة منذ عقود ،ولهذا سيكون المخطط المنفذ حاليا مهتما بالطرق ومراكز الخدمات. موضحا أن مشروع الملك عبدالله بن عبد العزيز لإعمار مكةالمكرمة والذي تزامن إعلانه مع تدشين توسعة الساحات الشمالية أحدث نوعا من الالتباس..فهذا المشروع هو أول مشروع يعنى بتطوير ما هو خارج منطقة الحرم المكي الشريف، ويشتمل على خمس نقاط حضرية.. الأولى خلف وقف الملك عبدالعزيز والثانية في الحجون والثالثة في جرول والرابعة خلف جبل عمر والخامسة في الغزة . وحول ما يثار من تأجيل مشروع إزالة الأحياء العشوائية وتوقف العمل في طريق الملك عبدالعزيز، أو تغيير مساره. قال إن هذه شائعة لا صحة لها، «لا تأجيل مطلقا لإطلاق هذه المشاريع ولا تغيير في مسار الملك عبدالعزيز» .