لأنه لا أرض في الأرض، ولأن أرض الواقع مسورة كما رواه خلف الحربي، ولأن أراضي المنح تذهب سريعا لمن يملكون العشرات مثلها، ولأنه لا أمل للمواطن الحالم بمنزل أن يحصل على أرض صالحة للسكنى البشرية حتى في الألفية القادمة، فإن كل الآمال والأحلام والتطلعات أصبحت محشورة في صندوق اسمه صندوق التنمية العقارية، ووزارة اسمها وزارة الإسكان.. بالنسبة للوزارة فإنها بدأت عملها بالشكوى من شح الأراضي وكأننا لا نعرف هذه القضية وأسبابها، ولذلك علينا صرف النظر عنها، رأفة بها ورأفة بأحلامنا التي ستتهشم لو وضعناها على عتباتها. ولذلك لم يعد أمامنا غير الصندوق الذي نتحفظ كثيرا على وصفه بصندوق التنمية بعد أن بدأ يتخبط ويتشعب في تنظيراته وأفكاره. الصندوق تم تسمينه برقم ضخم من المليارات، وكانت خطوته الأولى جيدة حين كان واقعيا بإلغاء شرط تملك الأرض للحصول على القرض، ووعد الناس بأن قروضهم سيتم التعامل معها إلكترونيا وعلى طريقة « من سبق لبق». وصل عدد المتقدمين مليون و700 ألف، لكن الصندوق بدلا من البحث عن حلول وتسهيلات بدأ في تعقيد الأمور وجعل الناس تشعر بأنه لا أمل في سكن على هذه الدنيا الفانية. آخر إبداعات الصندوق أنه بالتنسيق مع وزارة الإسكان سيضع المتقدمين أمام ثلاثة خيارات، أولها تسليم المواطن (عربون) مقداره 50 ألف ريال للبحث عن مسكن على أن يتم تسجيل العقار باسم الصندوق حتى سداد كامل قيمة القرض. تخيلوا بالله أي صاحب عقار سيقبل عربونا تافها بخمسين ألفا.. أما الخيار الثاني فهو تسليم المواطن مبلغ القرض لبناء منزل على أرض يملكها، وهنا ينسف الصندوق شعاره الأساسي «قرض من غير أرض» أو كأن الأراضي قد زالت عنها الأسوار وقسمت بين المواطنين. وأما الخيار الثالث فهو إعطاء المواطن وحدة سكنية ضمن مشروع وزارة الإسكان، وهذا الخيار يمكن ترجمته إلى: موت يا مواطن حتى تجيك الوحدة السكنية كان الأمل في الصندوق، لكن يبدو أن الصندوق مغلق، و «مفتاحه ضايع». كان الأمل في القرض، لكن يبدو أن القرض ضاع مثلما ضاعت الأرض. كان الأمل في شيء، لكن يبدو أنه لا يوجد شيء. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة