تشرفت وسعدت بتلبية دعوة الوالد الكبير عبدالرحمن عبدالقادر فقيه لحفل عشاء مساء الأربعاء 24 صفر 1433ه في منزله في منتجع النورس في جدة. ومن منطلق مقام الشيخ عبدالرحمن ظننت أن الحفل رسمي فحضرت بالرداء الرسمي وعند دخولي المجلس فوجئت بأن جميع الحضور برداء غير رسمي فبلا أي تردد خلعت المشلح ووضعته على حافة المقعد وجلست حيث إنني لم أجد صاحب الحفل. وبعد أن دارت عيني حول المجلس وإذا بصاحب الحفل يجلس في زاوية شبه مظلمة الوالد عبدالرحمن فقيه، قمت فورا وذهبت وقبلت رأس الوالد ثم سلمت على ضيف الحفل وحييت باقي الحضور وعدت لكرسي. هكذا كان مجلس الرجل الكبير الذي (ما شاء الله) يرأس ما لا يقل عن عشرة مجالس إدارة شركات ومؤسسات وجمعيات ومنظمات وغرف تجارية وعضو لما لا يقل عن عشرين مجلس إدارة شركات وجمعيات ومؤسسات ولجان وهو مؤسس لسبع مؤسسات ومراكز ومجموعات وسلسلة مطاعم.. إلخ، وحائز على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى وله من الأعمال الخيرية التي لا تحصى في المشاعر المقدسة وعلى نطاق المملكة وفوق كل هذا فهو يحظى بثقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله (حفظه الله ورعاه) وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز (أطال الله في عمره). رغم هذا المقام الرفيع والرقي الذي يتمتع به الشيخ عبدالرحمن بكل حق وجدارة نتيجة مشوار طويل من العمل والكفاح والعطاء عبر ما لا يقل عن ثمانية عقود من العمر (حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية) رغم ذلك كان مجلس الوالد الكبير الوجيه الشيخ عبدالرحمن عبدالقادر فقيه مجلسا مليئا بالضيافة والكرم والترحاب والثقافة والعلم والأدب ويعلو هذا كله كان مجلسة مليئا بما يرفع الله به عبده وهو التواضع وفق ما جاء في الحديث الصحيح: من تواضع لله رفعه. اقتداء بصاحب الحفل كان جميع الحضور يرتدون رداء التواضع فقد تعلمنا وأنا في مقدمتهم من الفقيه في فقه معنى التواضع فكان الصغير يجلس بجنب الكبير والكبير يجلس بجنب الصغير. ظننت أنني تعلمت الكثير من التواضع من والدي السيد معتوق (يرحمه الله) ولكن الحمد لله أن والدي الثاني زادني علما في فقه التواضع، تواضع الشيخ عبدالرحمن ذكرني بمن عرف عنه بقمة التواضع وهو الإمام الشافعي (رضي الله عنه)، يطيب لي أن أذكر صفة من صفات الإمام الشافعي المميزة والتي جعلت منه إماما محبوبا لدى الكثيرين ألا وهي التواضع، الإمام المتواضع تلميذ إمام متواضع فقد كان الإمام الشافعي تلميذا بين يدي الإمام مالك والذي عرف بتواضعه أيضا. وكان أيضا معلما متواضعا لتلميذه الإمام أحمد. وقال في شعره شاملا كل المقال: تواضع تكن كالنجم لا لناظر على صفحات الماء وهو رفيع ولا تكن كالدخان يعلو بنفسه إلى طبقات الجو وهو وضيع علماء أجلاء وأصحاب التواضع مالك، الشافعي، وأحمد، تواضعوا لله فرفع الله قدرهم بين أمة الإسلام. وللإمام الشافعي بيت يحمل جوهرة عظيمة تستدعينا للعمل بها والتأمل فيها والوقوف عندها طويلا يقول: كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي وإذا ما ازددت علما زادني علما بجهلي. هكذا كان صاحب الحفل الوالد عبدالرحمن فقيه، فماذا نقول نحن عن أنفسنا؟. للتواصل : فاكس 6079343