تلقيت شاكرا من الأستاذ ناصر محمد العثمان رئيس تحرير جريدة الشرق القطرية سابقا وأمين عام اتحاد الصحافة الخليجية حاليا كتابا قيما كنت فعلا بحاجة إليه بحكم اهتمامي ومتابعتي لمسيرة الرواد وبالذات رواد الصحافة، الكتاب يحمل عنوان: (مشوار حياتي.. عميد الصحافة القطرية عبدالله حسين نعمة) للكاتب حسن الهواري. تعرفت على الأستاذ ناصر العثمان مؤخرا، إذ دعاني لزيارة اتحاد الصحافة الخليجي في مقره بالمنامة لإعداد كتاب عن رواد الصحافة السعودية لتكريمهم في الرياض وبشكل دوري، إذ كل رواد صحافة يقام لهم احتفال في بلدهم سنويا، وقد سبق أن أقيم احتفال كرم فيه رواد الصحافة في البحرين مطلع عام 2010م. وقد تكررت لقاءاتي بأبي محمد وعرفني وعرفته وقدر جهدي واحترم اهتماماتي وبالذات عندما عرف أنني زرت الدوحة عاصمة دولة قطر قبل نصف قرن أي في عام 1382ه / 1962م وتعرفت على يوسف نعمة ابن عميد الصحافة وقبل صدور الصحافة فيها عندما كان يدير مكتبة التلميذ ثم مكتبه العروبة، وإذا بالعثمان أجده مرتبطا بالعميد عن طريق النسب والمصاهرة... وهو يخلفه في منصبه؛ فهو الآن عميد الصحافة القطرية فشكرا له على هديته. ولنعد إلى عبدالله نعمة للتعريف بشيء يسير من سيرته ومسيرته. ولد في الدوحة عام 1915م قبل توقيع المعاهدة مع بريطانيا بعام واحد والتي جاءت نتيجة الحرب العالمية الأولى، وقد نصت المعاهدة على حماية أراضي قطر ورعاياها وكان ذلك في أثناء حكم الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني مؤسس دولة قطر الحديثة. وقد غامر في صغره إذ سافر إلى البحرين ليتعلم في مدرسة (هكن) التابعة للمستشفى الأمريكي في المنامة، وبعد أن أعاده والده نجده يذهب إلى الأحساء؛ ليعمل لدى التاجر عبدالرحمن القصيبي في توزيع التمر، وبعد أقل من عام نجده يذهب إلى الكويت؛ ليتعلم قيادة السيارة التي حصل على رخصتها فعلا بتاريخ 30 من المحرم 1357ه، حيث ذهب بعدها إلى الظهران في المملكة؛ ليعمل في شركة الزيت (أرامكو) سائقا مع الخواجات ومرافقا ومترجما، ثم عمل مشرفا على سيارات نقل العاملين في الشركة، وبنشاطه وحيويته وحب العمل اختير مع بعض العاملين السعوديين للدراسة في مدرسة أسست لرفع مستوى العامل بحيث يفرغ العامل للدراسة نصف الدوام الأخير، فبرز وتقدم على أقرانه، مما جعل الشركة تبعثه إلى أمريكا لمدة سنتين لدراسة تحليل الزيت وقياسه، ليعود للعمل في رأس تنورة لقياسات الزيت، فيؤسس هناك فريقا رياضيا للعبة كرة القدم أطلق عليه اسم (الاتفاق الرياضي). وكان من صغره يهوى القلم والورقة، وكان يدون الملاحظات والأفكار في مفكرة لا تفارق جيبه. عاد إلى قطر بعد أن تعلم واكتسب خبرة لا بأس بها، وذلك في الخمسينيات الميلادية؛ لينشئ أول مكتبة باسم مكتبة العروبة وأخرى باسم مكتبة التمليذ، ويتولى كذلك جلب وتوزيع الصحف والمجلات وخصوصا المصرية واللبنانية، ثم يرتقي طموحه وأهدافه؛ ليؤسس دار العروبة للصحافة والطباعة والنشر؛ لتتولى توزيع جميع الكتب والصحف العربية والعلمية، وفي عام 1957م أنشأ أول مطبعة في قطر تعمل باليدين والرجلين، وتطورت بعد ذلك أحلامه؛ ليصدر أول مجلة أسبوعية أهلية في قطر في الخامس من فبراير 1970م وهي مجلة العروبة، وكان قد حاول مع المستشار الإنجليزي (هنكواك) تحقيق هذه الرغبة قبل عشر سنوات. كان يهدف إلى إيجاد صحافة قطرية تواكب مسيرة الاستقلال، ونافذة لقطر على العالم، وليستقطب الأقلام القطرية الشابة ويشجعها على النشر. وفي عام 1972م يصدر أول جريدة يومية في قطر باسم العرب. وكان يقول لمن يسأله عن مغامرته: «.. كنت أتطلع منذ فجر شبابي إلى إنشاء دار صحافية تكون منبرا لقطر خليجيا وعربيا ودوليا، وكان يتطلب ذلك قدرا كبيرا من الإصرار والمثابرة والعمل الجاد الدؤوب؛ لتحقيق هذا المشروع؛ لأنه يعز علي أن توزع في البلاد عشرات الصحف والمجلات العربية الصادرة في كثير من البلاد العربية، بينما ليس في قطر صحيفة أو مجلة تصدر منها وتعبر عنها. ويقول: إن البداية كانت متواضعة، فقد صدرت (العروبة) بأربعة محررين فقط على رأسهم الصحافي اللبناني (عدنان حطيط) وعلى مطبعة (أوفست) صغيرة لا تطبع أكثر من لونين، ومع ذلك فقد لقيت من التشجيع والمؤازرة والتجاوب وإشباع نهم القراء ما مكنها من الاستمرار والتطور. لم يقف طموح الرائد عند ذلك، بل أصدر مجلة باللغة الإنجليزية هي (جلف نيوز) نصف شهرية صدر منها 35 عددا ثم توقفت. وأشير أيضا إلى أنه أول رئيس لمجلس إدارة قطر للتأمين عند تأسيسها سنة 1383ه/1964م، إضافة إلى عمله الدؤوب لجمع وكتابة تاريخ قطر مع لجنة شكلت لهذا الغرض.. لقد كرم العميد على المستويين المحلي والعربي؛ فنال وسام مجلس التعاون الخليجي عام 1989م ووسام (قائد) من المغرب، ووسام الاستقلال من الأردن، ووسام الاستحقاق من مصر وباكستان وإيران وغيرها. توفي رحمه الله في 16 مارس 1995م، وقد رثاه كثيرون وفي مقدمتهم خليفته العميد ناصر العثمان بقوله : «نودع اليوم بالحزن والأسى، وبالذكر الجميل والعرفان والتقدير، عميد الصحافة القطرية ومؤسسها أستاذنا الكبير عبدالله حسين نعمة رحمه الله.... إلخ». للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة