من خاف الله في عمله تعاملا ومعاملة؛ فإنه لا جرم خاف ويخاف الوعيد ومن خاف الوعيد قصر عليه البعيد، ومن طال أمله ضعف عمله، وكل آت قريب، والنفس الشريرة تسير وكأنها لا ترى من مات ويموت كل يوم القريب منها والبعيد وكأنها لا تسمع عما يحدث من مفاجآت الحياة، فالأمل خادع والأجل مكتوب، وعلينا التزود من دنيانا وأن نأخذ العبرة ونخشى الله في السر والعلن. فالحياة مليئة بالمفاجآت، والدنيا كم من واثق فيها فجعته وكم من مطمئن إليها صرعته، وكم من محتال فيها خدعته، وكم.. وكم.. فمع شروق شمس كل يوم وغروبها وما بين شروقها وغروبها نفاجأ بأحداث مرورية مؤلمة تذكرنا بالموت ومع كل ما نحس به إلا أنه وللأسف سلوكيات تمارس في مجتمعنا الوظيفي دون النظر إلى من كانوا قبلهم على الكراسي الدوارة، أين هم الآن إما متقاعدون وإما وافتهم المنية، وهم بين يدي الله محاسبون. إن بعض المسؤولين لا يدركون أن طويل الأمل في الحياة يبني ولا يسكن ويأمل ما لا يدرك (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون). أيها المسؤولون: أدعوا الله أن يطيل في عمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، الذي منح أبناءه المكافآت المالية وزيادة الرواتب، وعلى ضوء ذلك نحن في نعمة الأمن والأمان نحن في نعمة العيش الرغد، وعلينا أن نؤدي واجباتنا الوظيفية بكل أمانة وإخلاص وأن نستقبل المراجع بكل ترحاب. فطويل الأمل يبني ويهدم ويقدر فيخطئ التقدير، يقول ويفعل ويخطط وتأتي الأمور مخالفة لما دار في خاطره، أساء في الاكتساب ففاجأه الأجل وانقطع عمله ودفن في التراب. (أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون * ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون) ويا لها من مفاجآت قال تعالى (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون). هذه هي الحياة بداية ونهاية، وها هو سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم يقف على شفير قبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال (يا إخواني لمثل هذا فأعدوا) سأله عليه الصلاة والسلام رجل فقال من أكيس الناس يا رسول الله؟ فقال (أكثرهم ذكرا للموت وأشدهم استعدادا له أولئك هم الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة)، والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. كفى بالموت للقلوب مقطعا وللعيون مبكيا وللذات هادما وللجماعات مفرقا وللأماني قاطعا، فاللحود مساكنهم والتراب أكفانهم (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون). أناديكم أيها المسؤولون بفتح أبواب مكاتبكم للمراجعين، والعمل على إنهاء معاملاتهم تحقيقا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله . فأنتم محاسبون في الدنيا من الله ثم من الجهات الرقابية ومحاسبون في الآخرة من العلي القدير. محمد أحمد سالم بريك