عرض الفيلم الأجنبي الفاخر الملون وجه الممثلة الجميلة وهي تدلقه على كفها المترف كي تستنشق منه حفنة مخدرات مسحوقة!! ثم عرض مشهدا آخر لشاب يافع يعاني من أزمة عاطفية.. فأخذ يحقن نفسه بالمخدر كي ينسى همه وحزنه الأليم! في المشهدين كانت الصورة توضح للمشاهدين جميعا كيفية جمع المخدر المسحوق في ورق وكيفية وضعه على الكف، وكيفية استنشاقه بفتحة الأنف مع وضع إصبع اليد مضغوطا على الفتحة الأخرى!! كما نقلت الصورة بالتفاصيل الواضحة كيفية تعبئة (الإبرة) وحقن الذراع بالسائل المدمر!! ثم بعد هذه التفاصيل التعليمية تركز الكاميرا على ملامح الوجوه وقد استرخت ثم استراحت ثم ابتسمت ثم أقبلت على الحياة بعد المخدر اللعين! رسالة واضحة.. ملء السمع والبصر تقول للمشاهد.. لماذا لا تدمن.. أدمن كي تنتعش!! والأفلام العربية لم تقصر في هذا الجانب حيث أخذت عن الأفلام الأجنبية الأسلوب نفسه وزادت عليه! وصارت المشاهدة صورا توضيحية لاستعمال المخدرات من البدء وحتى المنتهى بل نقلت للعالمين أوكارها وأجواءها الخاصة المشحونة بالضحكات والتعليقات والمسرات!! وإذا كانت هذه الطريقة المنقولة عبر الأفلام السينمائية عن المخدرات وآثارها على الإنسان كيف يزعمون أن في عالمنا العربي جهودا لمكافحة المخدرات وأن الحرب ضدها وصلت إلى مبتغاها وأن المعركة حامية الوطيس! ولو لم يجد المروجون وتجار المخدرات فرصهم من خلال ثغرات الواقع المعاش هل كانوا ينجحون في غزوهم ويحققون كل هذه الأرباح!؟ لولا التواطؤ بقصد أو بغير قصد مع انتشار المخدرات هل كان لها كل هذا التأثير بين الأجيال؟! يقولون إن التوعية بأضرار المخدرات تسير في طريقها الصحيح.. وأن الأفلام من الوسائل البصرية المستخدمة في التوعية بينما هي في الحقيقة توصية بكيفية استعمالها!! فمن لا يعرف علمه الفيلم أسوأ أنواع التحذير ذلك الذي يأتي على هيئة تغرير!! فالشباب لا يأخذون الدروس من المدرسة فقط.. لأن المدرسة عاجزة عن القيام بدور التوعية كاملا وبالتالي يشترك مع المدرسة والبيت في تربية الأجيال.. وسائل الإعلام وأجهزة المحمول المتنوعة والأفلام جزء من الإعلام المرئي وما تقوم به الآن تحت شعار التوعية هو في الحقيقة توصية وتحريض وإثارة وترغيب!! فماذا يعني أن يقول الفيلم لإنسان محبط ومقهور ومتعب إذا أردت النجاة من الحزن والضيق والإحباط والفشل.. اشرب المخدر!! ما أكثر المحبطين والموجوعين في هذا الزمان.. فهل المراد تدميرهم أم الخلاص منهم؟! كل الذي يجري الآن باسم الفيلم العربي حين يتناول المخدر وأثره هو إسهام في نشر الممنوعات وتحويلها إلى مسرات! فمن يرى الوجوه قبل المخدر وبعده يعرف أن الفرق لصالح الإدمان!! وأنه لا سبيل للفرح بغير المخدر!! طريقة لئيمة في تلبيس الوقاية بالدعاية!! وتمرير الممنوع بالمرغوب! وعلى المنظمات المدنية والإنسانية والجهات المسؤولة عن مكافحة المخدرات الانتباه العاجل لمثل هذا الترويج الذي باطنه تغرير وظاهره تحذير! هو الخطر الواجب ردعه إذا كانت النية مخلصة في دحر المخدرات. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة