أغرى الجو البديع يوم الجمعة الماضية سكان جدة بالخروج للتنزه وشم الهواء. المكان الوحيد الذي يخطر على بال (الجداويين) طبعا هو الكورنيش. وهكذا كان الحال معي، حيث أخذت العيال واتجهنا إلى كورنيش النورس. الصغار لم ينقطع حديثهم طوال الوقت عما ينتظرهم في الكورنيش؛ الأصداف والقواقع التي يجدونها أحيانا على الشاطئ، (أبوجلمبو) الذي يلتقطونه عند حافة الماء، ركوب الأحصنة الصغيرة، التسابق في ممرات المشي، أكل الآيس كريم والحلوى، وغير ذلك. لم نكد نصل إلى قرب نهاية شارع صاري إلا وقد ظهرت بداية صف السيارات المتلاصقة. قلت، ربما تكون هذه الزحمة فقط عند مدخل الكورنيش أو في تلك المنطقة منه فقط، ولكن اتضح لي فيما بعد أنها تستمر على طول الكورنيش من بدايته إلى نهايته. حبونا حبوا مع بقية السيارات وكأننا في نفرة يوم عرفة ونحن ننظر إلى أفواج البشر والسيارات وبالكاد إلى منظر البحر وهو يظهر ويغيب وقد بدا بفعل النسيم النشط متموجا خلابا فوق العادة. السيارات الواقفة كانت مكومة أمام الأرصفة على الناحيتين من الطريق في تلاصق تام، وغالبا ما كانت في صفين متوازيين، مما جعل إيقاف السيارة ضربا من الحلم. لا مانع من الاستمرار في الحبو شمالا إلى أن تنفرج الأمور. في منتصف الطريق أدركت أن الأمور لن تتغير. تمنيت وقتها لو كان أمين مدينة جدة أو جميع العاملين في الأمانة معنا على الكورنيش يحاولون أن يجدوا موقفا لسياراتهم وفجوة يتنزهون فيها. بعد حوالي ساعة من الحبو البطيء اقتنعت أن الوصول إلى الكورنيش كان معركة خاسرة بالتأكيد، بل حتى الخروج من الزحمة إلى أي مكان آخر بات تحديا صعبا. كان من الصعب إخبار الصغار بقرار الانسحاب وقد حاولت التمهيد لذلك بالتذمر المتكرر من الزحام واستحالة إيجاد مكان للوقوف. قوبل قرار الانسحاب بالاحتجاج الحاد ثم بالالتماس والترجي ثم بالصريخ والبكاء، واضطررت لتكرار الإقناع بلهجة حازمة لأنه لم يكن فعلا هناك مناص من الرجوع، حاولت تخفيف وقع القرار بالدفاع المستميت ثم بالتأكيد على شراء الآيس كريم من أقرب بقالة أو سوبر ماركت في طريق العودة، وأخيرا بالتعهد الأكيد بإعادة الزيارة إلى الكورنيش في أقرب فرصة أخرى قادمة. الموضوع لا يحتاج إلى تفكير أوحساب، فمن الواضح أن جدة تحتاج إلى عشرة أضعاف مساحة الكورنيش المتاحة لها حاليا، على الأقل. وبدلا من إعادة (تلميع) الكورنيش الحالي مرة بعد مرة، على الأمانة أن تعمل جديا على البحث عن المساحات الإضافية. ومن الضروري في نفس الوقت إيجاد مواقف واسعة لهذه الأعداد الهائلة من السيارات على الناحية الأبعد من الكورنيش مع إيجاد معابر سهلة منها إلى الشاطئ لأنه لا يمكن أبدا، مهما عملت الأمانة، إيجاد المواقف الكافية على الناحية المتاخمة للماء. بعد تجربتي يوم الجمعة الماضية أستطيع جازما أن أقول إن أفضل مكان تذهب إليه في جدة عندما يكون الجو رائعا هو البيت. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة