حذر أستاذ الفقه المساعد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور خالد المزيني من تتبع الفتاوى الشاذة. وأبان في حديثه ل«عكاظ» أن الفتوى الشاذة تطلق على نوعين من الفتاوى، أولهما: الفتوى التي خرجت عن قواعد الشريعة وأدلتها، فهذا شذوذ مذموم، وسببها التقصير أو القصور من المفتي، والنوع الثاني من الفتاوى يسمى بذلك لا لمخالفته الأدلة الصحيحة وإنما لخروجه عما اعتاده الناس، فإذا اعتاد الناس على قول فقهي، وانتشر بينهم مذهب معين، صار لهذا المذهب القبول والنفاذ بحكم الواقع، فإذا أفتى أحد العلماء بخلاف ما اعتادوه استنكروا رأيه، وظنوا أنه جاء بدين جديد، وليس كذلك، إذ المرجع في التصويب والتخطئة ليس هو الإلف والعادة، وإنما هو الدليل والبرهان. وأضاف المزيني «يمكن أن نصنف الفتاوى المنتشرة اليوم إلى خمس درجات: الأولى: الفتوى المجمع عليها، أي أنها تستند إلى الإجماع، والثانية: الفتوى الأكثرية، التي قال بها أكثر الفقهاء، والثالثة: الفتوى المتفردة، التي انفرد بها فقيه واحد، والرابعة: الفتوى الشاذة بالمعنى المذموم، التي تستند إلى دليل ضعيف، لكنه ليس بساقط، والخامسة: زلة العالم، وهي الفتوى التي لا تستند إلى دليل، بل إلى شبهة ساقطة». وأبان المزيني أن موقف الفقهاء من هذه الدرجات يختلف بحسب دليلها وانتشار القول فيها عندهم. مؤكدا أن الفتاوى الغريبة، التي يتفرد بها فقيه واحد دون غيره، فإن كان يستند إلى دليل صحيح فقوله معتبر، ولو خالف الجميع، ومثاله ما ذهب إليه الإمام أحمد من وجوب الوضوء من لحم الإبل، فهذا لا يضره مخالفة الأئمة الآخرين؛ لأنه يستند إلى السنة الواضحة في ذلك. وأفاد أن العلماء حذروا من الفتاوى الشاذة؛ لأن فيها مفسدتين؛ أولاهما مخالفة الدليل الأقوى، استناداً إلى الدليل الأضعف، والأخرى مخالفة الجماعة، والأصل الاجتماع في الدين، إلا لمن استضاء بدليل راجح. وخلص المزيني بقوله «المهم أن يسعى الجميع إلى تسديد الاجتهاد وتصويبه، ثم لا يهم بعد ذلك أن يخالفنا في الرأي أو يوافقنا، وقد ثبت أن عدداً من الفتاوى الشاذة صدرت قبل أن تأخذ حظها من النضوج العلمي، فهي مجرد آراء غير مكتملة النمو، وكان السلف يعالجونها بمزيد من التروي والتأني». وختم المزيني حديثه بقوله «إن الفتوى الشاذة لا مذهب لها، فقد تصدر من ذي مذهب متشدد، ليحمل الناس على مذهبه المجافي للعدل، وقد تصدر من متساهل، ليتجاوز بهذا حدود الله، وقد تصدر الفتوى الشاذة من شخص ضعفت نفسه أمام مغريات الشهرة، فيريد أن يحقق مكاسب من خلال استرضاء الآخرين».