أكد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز محيي الدين خوجة، أن تاريخ الأدب في الجزيرة العربية يمتد إلى العصر الجاهلي شعرا ونثرا وبلاغة وبيانا من خلال الشعراء والخطباء العرب الذين أبدعوا في صياغة اللفظ وعمق المعنى وجمال الصورة بدءًا من امرئ القيس وزهير بن أبي سلمى والشنفرى، وكذلك من خلال سوق عكاظ، سوق مجنة وسوق ذي المجاز، وأيضا عبر المعلقات الشعرية وخطب الوفود القبلية والخطب النبوية ورسائل الدعوة التي كان يرسلها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك وشيوخ القبائل وما تحمله من بلاغة وحكمة وموعظة، وشعرا على لسان الشعراء أمثال حسان بن ثابت، كعب بن زهير والحطيئة مرورا بالعصور المتوالية بعد مرحلة الخلافة الراشدة في دولة الأمويين والعباسيين، وما تلاها من دول وممالك، فكان زياد بن أبيه بخطبه البليغة، والفرزدق وجرير وغيرهما من شعراء العرب وفصحائهم. كلمة الوزير خوجة سطرها في مقدمة الإصدار الجديد لوزارة الثقافة والإعلام الذي حمل مختارات من الأدب السعودي أنطولوجيا الأدب السعودي، والذي جاء في ثلاثة مجلدات اشتملت على خمسة أجزاء الجزء الأول الرواية، والثاني السيرة الذاتية والثالث الشعر والرابع القصة والخامس المسرح. وأضاف الوزير خوجه: استقراء هذا الامتداد التاريخي للأدب في الجزيرة العربية يضع الأدب السعودي في مساره التاريخي، فالانقطاع السياسي الذي تعرضت له بعض مناطق الجزيرة العربية أثر بشكل واضح على مسار الأدب في هذه المنطقة التي يعتبرها المؤرخون موطن اللغة العربية والشعر والفصاحة، حيث جاء هذا الانقطاع نتيجة لعوامل سياسية واقتصادية وثقافية عديدة أثرت على كافة الجوانب الحياتية والاجتماعية والسياسية والثقافية حتى توحدت شبه الجزيرة العربية على يد الملك عبد العزيز آل سعود يرحمه الله تحت راية واحدة فكانت المملكة العربية السعودية التي بدأت في تشكل حديث وجديد وفق معطيات الزمان وتاريخية المكان، فبدأ التعليم ينتشر ويتطور مع تعاقب الملوك الذين حكموا هذه البلاد، مما كان له الأثر الإيجابي على الأدب والثقافة في المملكة، حيث بدا الأدب السعودي يسترد مكانته التاريخية ويتقاطع مع الحراك الأدبي والثقافي العربي، فترجمت بعض أعمال الأدباء السعوديين إلى مختلف اللغات، وطبعت إبداعات المثقفين والأدباء السعوديين في كل من بيروت، دمشق، بغداد، القاهرة والرباط، كما شارك الأدباء السعوديون في ملتقيات ومهرجانات أدبية عربية وأجنبية ونال عدد من الشعراء والروائيين والكتاب والمسرحيين جوائز عربية ذات قيمه معنوية عالية وتمت زيادة عدد الأندية الأدبية لتصبح 16 ناديا أدبيا، إضافة إلى جمعيات فنية وثقافية متخصصة وكان الدعم اللامحدود من قبل الحكومات السعودية المتعاقبة لكل فعل ونشاط ثقافي وبما يأتي بإضافة جديدة في الأدب السعودي داخليا وخارجيا. وأردف خوجه: «لعل الإصدارات الحديثة والكبيرة من الرواية السعودية التي أخذت زخما عربيا وعالميا وكانت مثار جدل ثقافي خلال السنوات الماضية محليا وعربيا ودوليا وفاز اثنان من كتابها بجائزة البوكر العربية للرواية هما عبده خال ورجاء عالم»، وتابع: الإصدارات الشعرية والقصصية التي أصبحت مطلبا للناشر والمثقف العربي وبما تعطي دلالة على ما وصل إليه الأدب السعودي من مكانة وعمق وتأثير، لهذا جاءت هذه المختارات التي تصدرها الوزارة تقديرا للجهد الخلاق الذي قامت به اللجنة العلمية التي أعدت هذه العمل وبما يمنح القارئ العربي صورة بانورامية على الأدب السعودي بفروعه المختلفة حيث تضمنت هذه المختارات مقاطع من روايات السعودية ومقاطع من سير ذاتيه لكتاب سعوديين كان لهم دور ثقافي واجتماعي ونصوص شعرية مختلفة الاتجاهات والمدارس، ضمت القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر كما ضمت نصوصا قصصية ومقاطع من مسرحيات متنوعة، ما يعطي صورة كاملة عن مختلف التجارب الإبداعية السعودية ومدارسها واتجاهاتها وأشكالها المختلفة، مشيرا إلى أن هذه المختارات أو الأنطولوجيا كما يطلق عليها عادة خطوة في سبيل زيادة التعريف بالأدب السعودي داخليا وخارجيا، والأمل في أن يحقق الأدب السعودي والثقافة السعودية منجزات أخرى تضاف إلى منجزاته السابقة ولن يتأتى ذلك إلا بتكاتف الجهود الرسمية والمؤسساتية والفردية.